01 نوفمبر 2025

تسجيل

مجالس ما فيها نفس ثقيلة

27 فبراير 2022

لا ندري هل نحن الذين تغيرنا أم ظروف الحياة وتصاريحها هي التي تغيرت وبالتالي تغيرنا معها في الماضي رغم قسوة الحياة فيه وضنكها أحيانا. إلا أننا كنا في نوع من الهدوء والاسترخاء لا عصبية ولا تشنج في الكلام ولا عتاب، نتقبل ما يأتي به الغير على علاته ونبحث عنه عن عذر فيما فعله سواء كان من أبنائنا أو أقاربنا حتى جيراننا ومعارفنا، لم نكن نتضايق من تصرفاتهم بل قد نعاتبهم عليها وهم بالتالي يتقبلون وتسير بنا الحياة بسيطة مستمتعين بها حفلة صغيرة يقيمها الجار أو أحد أقاربنا بمناسبة تخص ابنته أو ابنه نكون أول الحاضرين ونفرح بفرحهم ونشاركهم هذا الفرح ونقدم ما نقدر عليه دون تكلف أو تصنع أو حتى مجاملة. زواج أحد أبناء أو بنات الحي نتشارك فيها طوال أسبوع كامل ونقدم لهم كل ما يمكن، لا نحتاج بطاقة دعوة ولا شروط لدخول القاعة ولا سؤال إذا ما كنا سنحضر أم لا ! نجاح أحدهم وتشاركهم معهم بزجاجة من المشروبات الغازية تتوزع على الجيران حسب العدد نقرع الباب وندخل وقت الضحى وتتجاذب النساء أحلى الكلام وأحدث الأخبار، جلساتنا كلها كانت لطيفة وخفيفة وتشوبها الحكايات المرحة والقصص الشيقة. وما عن الآن، في زمن لم نعد ندري هل ما نقوم به من تصرفات يلومنا عليها البعض صحيح أو ما يقومون به هم من سلوكيات يرفضون الاستماع منا لنقدها. المجالس أصبحت كلها للمز والغمز و(التنمر) والسخرية من الغير والتشكيك فيما نقوله من حديث ونظرات قد تعمل على أنك تتمنى مغادرة المجلس لولا الحرج ممن دعاك أو من أنت في بيته. الكل يقوم بما تتطلبه عبادة الله من صيام رمضان والنوافل والتطوع وغيرها والصلاة بأوقاتها والذهاب للعمرة كل شهر، بالمقابل يتصرف بسلوكيات لا تمت للدين بصلة من الغيبة والنميمة وتتبع عورات الناس وانتقاد كل شيء وكل أحد والتثبيط لكل ما يقوم به البعض من عمل أو حدث. الجميع يريد أن يكون الناصح الأمين ومصلح الكون والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر وهو لا يدرك أن ما يفعله في المجلس من تصرفات نحو غيره ومن انتقادات له ومن اللمز به، لا يمت بالدين بشيء وهو ما نهانا الله عز وجل في كتابه وسنة نبيه. وصدق من قال (قل خيرا أو لتصمت) وقال سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ). ولكن للأسف كلنا نفعل عكس ذلك، ونقضي مجلسنا بالتنمر على ذاك والحديث عن ذاك وكشف أسراره وعيوبه والسخرية ممن يتحدث، بل الذين يخرجنا أحيانًا عن عقولنا، يرجع هذا ويقول: استغفر له والله تؤاخذنا كيف ذلك ؟ أصبحت تلك المجالس مرفوضة من بعض جلاسها ومرتاديها ردءا عن الوقوع في الخطأ والإثم ويتجنبها خوفا من ارتكاب خطيئة الغيبة والنميمة والخوض في أعراض الناس. كل يوم وكل أسبوع عند اقتراب موعد تجمع الأهل يراودنا شعور أن تتحول تلك المجالس للذكر والكلام الطيب وتبادل الخبرات في أمور الدين والدنيا وفعل الخير والمساعدة من أجل أن نخرج من تلك المجالس ونحن في حالة من النقاء والصفاء ونقاء السريرة والايمان بأن الله عالم كل شيء لا يخفى عليه شيء في الأرض وفي السماء. سبحان الله عما يصفون.