27 أكتوبر 2025
تسجيلالتلقائية والعفوية، سِمتان برزتا في احتفالات أهل قطر بالأيام الوطنية لدولة الكويت. وهذا ليس بمُستغرب على علاقة الأخوّة والمحبة التي تجمع الشعبين القطري والكويتي منذ القِدم. وظهرت أيقونةُ (شعب واحد) تجمع عَلميّ قطر والكويت، وكانت خيرَ تعبير وتقدير من الشعب القطري إلى الشعب الكويتي، وارتباط الشعبين، الذي عبّر عنه سعادة السيد حفيظ محمد العجمي، سفير دولة الكويت لدى الدولة، في الوقت الذي نوّه فيه بدور قطر في عملية تحرير الكويت، بقوله: " الكل في الكويت يتذكر، بكل فخر، معركة الخفجي التي قادتها القوات المسلحة القطرية الباسلة، مُعرباً عن اعتزازه بالتكاتف ووحدة المصير اللذين شهدتهما الكويت في تلك الأيام العصيبة، والتضحيات الكبيرة من قوات وجنود الأشقاء والأصدقاء، لتحرير الكويت. ولقد أحيّت قطر عُرساً كويتياً مُبهراً خلال الأيام القليلة الماضية، وتحوّلت الدوحة إلى مدينة الكويت، حيث الأعلام الكويتية تعانق الأعلام القطرية، والاحتفالات، والإشادات بدور سمو الشيخ صباح الأحمد أمير دولة الكويت، ووقفته الشجاعة في " المحنة" التي ألمّت بشعب قطر، إثر الحصار الجائر. ولقد كلّف حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، ضمن احتفالات دولة قطر بالأيام الوطنية لدولة الكويت، معالي الشيخَ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني رئيس الوزراء وزير الداخلية، بتدشين مشروع (طريق الخور) الذي حمل اسم سمو الشيخ صباح الأحمد أمير دولة الكويت، باسم ( محور صباح الأحمد)، حيث يربط 15 طريقاً سريعاً، و25 منطقة سكنية، ويوفر طريقاً سالكة إلى العديد من المراكز التجارية والمنشآت التعليمية والصحية، وذلك عرفاناً بمدى العلاقة التي تربط دولة قطر بدولة الكويت. ولقد قام المكتب الهندسي الخاص بتنظيم احتفالية (شعب واحد)، ومن ضمن النشاطات الاحتفالية، مباراة في كرة القدم بين قدماء لاعبي المنتخبين القطري والكويتي. ويوم الأحد الماضي احتضن مسرحُ عبدالعزيز ناصر بسوق واقف، أوبريت (وطن واحد) من كلمات الإعلاميَّين تيسير عبدالله وعبدالرحيم الصديقي، وألحان الموسيقار مطر علي، وتوزيع محمد المريّ، وإخراج ناصر عبدالرضا. ولقد حوى الأوبريت ملامحَ فنية تربط الفنون القطرية بالفنون الكويتية، استطاع الموسيقار مطر علي تجسيدَها من خلال فنّ الصوت، المراداة، وإيقاع (الدزّة)، والشابوري والسامري، إضافة إلى إدخال ملامح الغناء الكويتي، مثل ( يا جارتي سيعودُ بحاريّ المغامر)، حيث إن الغوص من المهن التي اشترك فيها الكويتيون والقطريون، منذ مئات السنين. كما ضمّنَ الموسيقار مطر علي فنّ العرضة، التي جاء تضمينها كلماتٍ، لصفات سمو أمير دولة الكويت، وبألحان كويتية. كما شمل الأوبريت الملامحَ المشتركة للمجتمع القطري والكويتي في الإيقاعات الصحراوية، وتم إدخال شطرٍ من بيت النشيد الوطني الكويتي( وطني الحبيب سلمتَ للمجد). وشكَّلت اللوحات فتياتٌ وفتيانٌ من قطر، كانوا جميعاً مثارَ إعجاب الجميع. كما تألق الفنانان فهد الكبيسي وعيسى الكبيسي في أداء دوريهما في الأوبريت، إلى جانب المطربة أصيل هميم. كانت الابتسامة لا تفارق وجوهَ كلِّ الذين أدّوا الأوبريت وكأنهم يؤدّون أوبريتاً قطرياً. وضمن احتفالات (شعب واحد) كان الجمهور على موعد مع العروض الشعبية، ومنها ما ألّفهُ الفنان (سلمان العماري)، للأغاني الكويتية والخليجية. وساهمت الفرق القطرية الشعبية من قطر والكويت بعروض فنية، ومنها فرقة (منصور بوصبار) الرجالية القطرية، وفرقة ( فاطمة شداد) النسائية القطرية. ولقد عكست هذه العروض التقارب التاريخي لكلا الشعبين القطري والكويتي، والأصالة التي تربط بين البلدين. ويوم الخميس الماضي، أُقيمت في منتزه (مروج) بدولة الكويت فعالية قطرية نظمتها وزارة الثقافة والرياضة، ضمن احتفالات الكويت الوطنية. كما نظمت وزارة الثقافة والرياضة أوبريتاً حمل رسالة حب وسلام من قطر إلى الكويت، باسم (الكويت.. بلادنا الكويت)، وهو مستوحى من أوبريت كويتي قديم بعنوان (صدى التاريخ)، بالإضافة إلى مشاركة الموروث الشعبي الذي أقيم في قرية الشيخ صباح الأحمد التراثية، وكانت هنالك مشاركة للفنون التشكيلية جسّدت عمق العلاقات التاريخية بين قطر والكويت. (الشرق، 25/2/2019). وضمن احتفالات المكتب الهندسي الخاص باحتفالية ( شعب واحد)، أحيا الفنان خالد دلوان، الأسبوع الماضي، حفلاً غنائياً على المسرح المفتوح بسوق واقف، وتم نقل الحفل على الهواء مباشرة بواسطة قناة الريان، كما أحيا الفنان سعود جاسم حفلاً على المسرح المفتوح يوم السبت الماضي مُذكراً بالأعمال الغنائية القطرية والكويتية التي غناها الجيل القديم من المطربين. ولقد أرسلت قناة الريان طاقمها الفني والبرامجي إلى دولة الكويت، لنقل برنامج (هلا الكويت) والذي يستمر إلى 26 فبراير 2019، ابتهاجاً باحتفالات الكويت بأيامها الوطنية، ويربط البرنامج، الذي يقدمه الزميل عبدالعزيز السيد، ومجموعة من الزملاء، ما بين المناطق الشعبية بدولة قطر ودولة الكويت، وغطّى الفعاليات الاحتفالية في كلا البلدين، تضامناً مع شعب الكويت في أفراحه. أيام قطرية في الكويت، وأيام كويتية في قطر، تشكّل التلاحم الذي ننشدهُ بين الأشقاء في منطقة الخليج، التي ( نعقَ فيها غرابُ البَين)، وهاج فيها " شمشون" كي يُدمّر كلَّ شيء فوق رأسه. منطقة وديعة وهادئة، وتتبادل الزهورَ والعودَ والبخورَ واللبانَ والجُوري، تتحول إلى مَرتعاً للكواسر، وقُطّاع الطُرق، و" وائدي الأطفال"!؟ منطقة لها تاريخ طويل من النَسب والعِرق والتسامح والولاء والغيرة والشهامة، تتحول ما بين " تخطيط وآخر" إلى مزرعةٍ للمغامرة، وعزبةٍ لقتل الضمير والعقل!؟ ما كان بوديّ استحضار أزمة الحصار، ونحن نحتفل مع أشقائنا في دولة الكويت احتفالاتهم الوطنية، والتي نعتبرها احتفالاتنا أيضاً، ولكن لا بد من التذكير بنعمة العقل، التي نحتاجها في تدبير أمورنا، وأن نُذكّر بأن أيام " المغامرات السياسية" قد ولّت، وأن الدول يحكمها القانون الدولي، وأن حتميات العلاقة الدبلوماسية تفرض تعاملَ الدول مع بعضها وفق ميثاق الأمم المتحدة، فما بالكم بدول الخليج العربية، التي يحكمها ميثاق التاريخ المشترك والجغرافيا المشتركة وأخلاق الرجال؟ تحية لكل من ساهم في هذه الاحتفالات الكويتية على أرض قطر، ومن القلب، ندعو الله أن يحفظ أهلَنا في الكويت من كل سوء، وأن يستمر دورُ الكويت كمقرٍ للعمل الإنساني، وأن يُطيل الله في عُمر الشيخ صباح الأحمد أمير الإنسانية، ونحن، وأبناؤنا، نحتضنُ عَلمَ الكويت، وعَلمَ قطر، كما احتضن أميرُ الإنسانية ذات يوم – في لفتة إنسانية رائعة – عَلمَ قطر، قدّرها كلُّ المُحبين للسلام، وكل الذين يعرفون " السنع".