12 سبتمبر 2025
تسجيلمصر إلى أين؟! ربما يبدو لي التساؤل الكبير هو أقوى سؤال يمكن أن يطرحه عاقل عوضاً عن العبارات الحالمة والفارغة من الإحساس بالواقع المصري التي تسوقها القنوات الفضائية المصرية (السيسية) التي تعيش حالة من التغييب الإعلامي الصادق بأن مصر بالفعل تسير في طريق مجهول لا يعرف أحد نهايته، وإن كل ما تمر به الآن إرهاصات قوية لمستقبل لا يليق بالمحروسة أن تعيشه ولذا يكبر السؤال وهو مصر إلى أين؟!. وإلى أين يريد العسكر أن يصلوا بمصر بعد الانقلاب الغاشم الذي قلبوا فيه الطاولة الانتخابية ورموا صناديق الاقتراع الشعبية جانبا وليعود زمن العسكر بوجهه البشع بعد سنة من إقصائه فقط؟ ولا أخفيكم فأنا ومنذ الانقلاب أعيش في أسف على مصر لاعتقادي القديم بأن ثورة 25 يناير/2011 هي الثورة الحقيقية التي أسقطت عقود الذل والمهانة والتقهقر السياسي والاقتصادي الذي عاشته مصر في سنوات حكم مبارك الذي على ما يبدو لم ينته ويشتم كثيرون الرائحة (المباركية) التي واكبت الانقلاب العسكري ولا تزال رموزه تقتل في شعب مصر ومن أنصار الشرعية التي عزلوا رأسها المتمثل في الدكتور محمد مرسي وباقي قيادات حزبه القابعين خلف القضبان بتهم أقل ما يقال عنها إنها تافهة وملفقة وتثير ضحكاً رغم الجدية التي تسير عليها محاكمتهم. فمن الذي يمكن أن ينكر أن نظام مبارك لم يعد الآن وما يجري منذ الانقلاب الذي قاده عبدالفتاح السيسي حتى هذه اللحظة يؤكد أن حكم مبارك قد عاد ولكن بوجوه أكثر بشاعة ودموية وبقلوب لا ترحم صغيراً ولا كبيراً ولا امرأة ولا شيخاً، ولعل الإعدامات الأخيرة بحق تسعة من الشباب في عمر الزهور هي ما كشفت عورة حكومة السيسي المتعطشة للدماء ولكن أي دماء؟! دماء شعب اعتصم بسلمية ونادى برئيسه وصوته المخطوف من قعر صندوق الانتخاب الذي اختار فيه اسم من يحكمه، واليوم يأتي السيسي وبعد مجازر رابعة والنهضة ورمسيس وحرق المساجد والجثث والاعتقالات ليضع يده الغارقة في دماء طاهرة ويقسم كما يلوح الآن في القمة العربية الأوروبية المقامة حالياً في شرم الشيخ "والله العظيم إن شرف حماية الإرادة المصرية أشرف لي من حكم مصر"! أي قسم بالله تردده وتكرره والله بريء مما تقوله وتحلف به؟! من الذي أعطاك الحق لتقتل ثم تتكلم عن الإرادة الشعبية التي لم تجرؤ على اختبارها في الواقع وتلقي كلمتك في أحد ميادين القاهرة لترى فعلاً إن كنت تحمي الإرادة الشعبية المصرية أم تحمي مصالح داخلية وخارجية خليجية وأمريكية؟! نعم لماذا لم تفعل وتخرج للشعب وتقل ما قلته لتتأكد من الشعب الذي تحمي مصالحه سيقابلك بنفس الوطنية التي تعيش أوزارها حتى آخر عمرك بدلاً من إلقاء الكلمة وكأنه درس خصوصي كل ما يهمك فيه أن تتلقف كاميرات وميكروفونات قنوات البلاد الرسمية لتزيد التطبيل لكم وتعمل ما هو أشد وهو المتاجرة بمستقبل مصر في عقول وأرزاق هؤلاء الناس؟! ثم ألم تفز بنسبة 97% في الانتخابات الرئاسية فلم كل هذا الخوف من 3% من الشعب المعارض لك إن كان الباقي يهتف بحياتك؟!. والمسألة لم تعد مسألة مرسي في عودته أو حبسه ونفيه وسجنه، لا لا القضية بات فيها دم لن يجف وثارات لن تبرد وشباب وفتيات مثل الورد قتلهم من عليه أن يحميهم وسفك دماءهم من يجب أن يحفظها بعد الله، لذا لا يمكن للسيسي ونظامه أن يعتقد أن الحديث الآن يجب أن ينتقل بقدرتهم الآيلة للسقوط إلى الحوار والنقاش والجلوس للتوصل إلى حلول لما تسميها حكومة الانقلاب بـ (الأزمة)!. وهي والله ليست أزمة بل زلزالا لم يجعل من الغفير وزيراً فحسب بل جمع الانقلابيين وجعلهم في سدة الحكم عليها وعزل من جاء عبر صندوق الاقتراع في أول تجربة ديمقراطية يعيشها المصريون بعد سقوط نظام مبارك ويصبح لمصر العظيمة (خريطة طريق) يساعد في كل هذا المطبلون الإعلاميون على قنواتهم الحكومية والخاصة وكأنهم يتبادلون أدواراً تهريجية المطلوب منها هو تبرير القتل والإبادة التي يتعرض لها أنصار الرئيس مرسي التي بدأت في مجزرتي رابعة والنهضة ومروراً بمجزرة رمسيس ولن تنتهي بهذه الإعدامات التي ضج العالم لظلمها وقساوتها!. فحرام عليكم ما تفعلون وحرام عليكم ما أنتم ماضون في عمله دون أن تشعروا حتى بالرحمة لأهالي الشهداء، حيث يشتكي الكثيرون من الذين قُتل أبناؤهم وإخوانهم وتفحمت جثثهم أنهم حتى الآن لم يجدوا جثث أبنائهم التي صادرتموها إلى جهات غير معلومة!. فهل كان كل ما حدث يستحق فعلاً ما أقسم السيسي عليه وصفق له أنصاره رغم معرفته بأن كل ما قاله لا يغدو سوى تسويق إعلامي أراد به السيسي أن يبرر ما يحدث وتلهفه لكرسي حكم سيسقط يوماً وإن كان آجلاً لا عاجلاً !. فاصلة أخيرة: لكِ الله يا مصر. [email protected]