15 سبتمبر 2025
تسجيلالدعوة إلى نزع أسلحة الدمار الشامل ليست وليدة اليوم، ففي خريف عام 1957، كتب السير "جون كوكروفت" أحد خبراء العسكرية الأمريكية يقول: "إن نتائج عمليات انقسام الذرة وتحطيمها أحدثت ثورة التفكير وفي الخطط العسكرية لا يزال الطريق أمامها ممتدا إلى حد بعيد، على أنه من الواضح أنه من المستطاع تحطيم المدنية العالمية كلها بين عشية وضحاها إذا ما أطلت هذه القوى لتهدمها، وهذا الخطر الداهم الذي تتعرض له البرية بأسرها هو الأمر الذي يدعو إلى التعاون على نزع السلاح، وعلى طرد هذا الشبح الجائم الآن فوق العالم".يقول الأستاذ رابي وهو من علماء الطبيعة في الولايات المتحدة: "إن استخدام العلم في الشؤون الفنية الحبيبة يجعل من السهل تطبيق الأساليب العلمية لقتل الشعوب وهي لا تستطيع الصمود أمامها، فإذا ما نظرنا إلى ما تم تحقيقه في فترة سبعة عشر عاما لوضح لنا أن التقدم لن يكون بطئا في المستقبل، فالسؤال القائم أمامنا الآن هو: هل نستطيع أن نحل مشاكلنا لنعيش جميعا على هذه الكرة؟ أو: هل نموت؟ هذه كانت توقعات رجال العلم عام 1957!! ولننظر الآن كيف وصلت الشعوب إلى هذا المنحدر الخطير الذي أصبحت فيه البشرية عرضة للدمار في ليلة واجدة ؟ فأولئك الرجال الذين ذكرناهم هم جميعا من رجال العلم، وصوتهم جدير بأن يسمع، لأنهم هم صانعو الأسلحة التي ينتجونها، وهم الذين يجب أن يصغي إليهم أكثر من أي فريق آخر في موضوع سباق التسلح. ولاشك أن سباق التسلح يضع البشر في مأزق يجعلهم أمام خيارين لا ثالث لهما:*الخيار الأول هو: أن يقرروا –وبسرعة تامة- أن يوقفوا تسليحهم، لأن الحروب في وقتنا الحاضر أصبحت غير متمشية مع الزمن، فأيا كان وضعها في الماضي فإنها لن تفيد أي غرض في المستقبل.* الخيار الثاني: أن يموتوا فقد أعدت الأسلحة لتستعمل في الحروب وليس لشيء غير ذلك، ونتائج الحروب الطبيعية: الموت والدمار.والذي أوصل الشعوب إلى هذا المأزق هو التسابق على التسلح، فهو الذي أكسبهم هذه القوة الحربية التي تستأثر بالأموال الطائلة وبالرجال وبالمعدات وبالعقول.وقد أصبح من الأمور التى لا مراء فيها أن كمية من "البلوتنيوم" – ربما تقل في حجمها عما يستطيع صندوق صغير أن يستوعبه – تكفي لإنتاج أسلحة تستطيع بواسطتها أية دولة كبرى – إذا انفردت بحيازتها – أن تسيطر على جميع أجزاء العالم دون أن منازع.صحيح أن هذا الكلام قد يكون مبالغا فيه لأنه يعكس صورة افتراضية، ولكن إذا حدث ذلك بالفعل، فإن هذه المبالغة لا تعد مجافية للواقع، لذلك فإن جميع الحقائق تؤكد أن استخدام وإخضاع الطاقة النووية ونواة الذرة قد تخدم الإنسان وقد تؤدي إلى تدميره. أيضا، فإن من أخطر الأسلحة التى قد تكون سببا في تدمير العالم "القنابل الهيدروجينية" إذ إن انفجار قنبلة انشطارية تزن 25 كيلو جراما يعطي قوة انفجارية تعادل 16.5 ميجا طن من مادة ( ت . ن . ت) الشديدة الانفجار، وذلك إذا أضيف إلى الكمية السابقة 200 كيلو جرام من خليط عنصري "تريتيوم، الدوينيريوم).أي أن الكمية الكافية لملء سلة صغيرة من هذه المادة النووية النقية تكفي - إذا أمكن تصنيعها بدقة – لإنتاج قنبلة تستطيع أن تدمر وتمحو أي مدينة كبرى في العالم، وزيادة على ذلك فإن مثل هذه القنبلة ليست ثقيلة الوزن، ولا تتطلب طائرة ذات قدرة هائلة لحملها.ويكفي أن نذكر أخطار القنبلة الذرية التي تتبارى دول العالم الآن في تصنيعها:1- من الممكن أن يعادل انفجارها عدة آلاف من المرات القوة الانفجارية لقنابل (ت.ن.ت).2-يعد وميضها الحراري طاقة هائلة لإشعال النار.3-يصحب الانفجار أشعة نافذة مؤذية وغير مرئية يطلق عليها اسم أشعة جاما وهي أشعة شبيهة بأشعة أكس X.4-المواد التي تبقى بعد الانفجار الذري هي مواد مشعة تطلق إشعاعات مشابهة لفترة طويلة من الزمن وتعرف هذه الحالة باسم النشاط الإشعاعي المترسب.وتحدث الآثار الثلاثة الأولى عند تفجير القنبلة الذرية في وقت واحد، وهي ذات أثر فوري فعال.والقنابل الذرية وحدها (فضلا عن الأسلحة التقليدية العادية التي تتسابق الدول الغربية وأمريكا في تصنيعها وبيعها إلى الدول النامية العربية وغير العربية)، قد تؤدي لا محالة إلى زيادة أعباء المشاكل والأزمات والآلام التي تقاسيها المجتمعات الإنسانية لكثير من الأجيال وهو أمر ستقاسيه جميع المجتمعات على حد سواء.