12 سبتمبر 2025

تسجيل

لعبة الحكماء

27 فبراير 2015

يخطئ دائما من يعتقد أن العلم وصناعة الحياة، لابد أن يكونا في بيئة مستقرة اجتماعياً، وأن الاضطراب الاجتماعي يولد لنا تنشئة سلبية، ومن الناحية الفلسفية هذا صحيح، وذاك صحيح ولكن من المنظور الشخصي أرى أن البيئة المضطربة تولد لنا العظماء لأن التحديات تكون أقوى والدوافع تكون أكثر والطموح لا حدود له والتغيير الذي هو محور الطموح يكون مطلبا في كل اتجاه. منغصات الحياة سلاح قوي لمن يملك الحكمة والعقل السليم والفهم الصحيح للحياة والرفاهية والاستقرار قد تكون مملة متعبة لمن لا يستثمرها بالشكل الصحيح ففي كلتا الحالتين هناك سلبيات وإيجابيات ولكن في الجانب الذي يرى دائماً أنه سلبي أي الوضع الاجتماعي المضطرب تكون النظرة مختلفة فكل أمر سلبي فيها نستطيع أن نجعله إيجابياً وسلاحاً وقاعدة لصناعة الحياة ومنهجها وتكتمل من خلاله جوانب القوة المعرفية الملهمة لمستقبل أفضل.ففي قصة يوسف يعلمنا الله كيف يعيش نبي من أنبيائه حياة العبودية التي تعتبر أسوأ الحالات الاجتماعية ويباع في السوق طفلاً ويحرم صغيراً من أبويه وأهله ويكاد له من أقرب الناس له ومع هذا لم يكن ذلك كله مانعاً بأن يكون حكيماً وعليماً وداعياً ونبياً وفي ذات الوقت عزيزاً في مصر.تلك الاضطرابات الاجتماعية والمآسي الحياتية كانت سبباً جوهرياً في صناعة يوسف الحكيم ويوسف العليم ويوسف الصديق ويوسف المحسن ويوسف النبي ويوسف العزيز يوسف المؤمن ويوسف الذي تولى خزائن مصر ولم تكن عائقاً فيصبح مستسلماً لعالم العبودية قانعاً بالذل والسجن والتغريب أو شخصية كئيبة تندم حظها وتعيش مآسيها وتشتكي أوجاعها. ولننظر ماذا يقول يوسف هنا في كلمات أرجو أن نتفكر فيها ملياً (رب قد آتيتني من الملك وعلمتني تأويل الأحاديث فاطر السموات والأرض توفني مسلماً وألحقني بالصالحين).. ما أعظمه من شكر للنعمة وما أحكمه من دعاء وفي كل القصة كان يتحدث يوسف مع الله عن نتائج ما أنعم به الله عليه وهي نظرة تفاؤل وقراءة حكيمة للأحداث فالعبرة دائماً بالنتائج لأن الأسباب نحن من يسخرها للخير والشر. قلت ولازلت أقول نحن من يصنع الحياة بخيرها وشرها والمثل يقول (كل إناء بما فيه ينضح) فكلنا صنيعة أنفسنا فأحسنوا صناعة أنفسكم واقرأوا واقعكم لتعرفوا مستقبلكم وسخروا كل أمر ليكون عوناً لكم وانظروا للجانب الإيجابي في كل شيء وابحثوا عن مفاتيح الحظ الذي لابد أن نؤمن به وتحلوا بالصبر في الأمور كلها، فالصبر مفتاح الحظ (وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم )، فمتى ما فهمنا أن الحكمة صناعة لفهم النفوس السوية سنعلم أن الصبر مفتاح لأعظم أمر وهو الحظ، وعليكم أن تعرفوا أن الحظ لعبة الحكماء.. فهل أنتم حكماء؟