12 سبتمبر 2025

تسجيل

مخاوف خليجية وعالمية من تقليص برنامج التيسير الكمي الأمريكي

27 فبراير 2014

لطالما كانت أسعار الفائدة على منح الائتمان والإقراض المصرفي المنخفضة في الدول الخليجية سبباً رئيسياً في تحفيز النمو الاقتصادي بهذه الدول، بما انعكس أثره على زيادة أسعار الأصول العقارية وارتفاع مؤشرات البورصات وأسواق المال وقيم أسهم الشركات إلى مستويات قياسية، حيث بلغ سعر الفائدة المصرفية على عمليات الإقراض بالمملكة العربية السعودية حوالي 3.5% فقط وبلغ نحو 5% في الإمارات العربية المتحدة والكويت وإلى 6% في قطر.إلا أنه قد تزايدت في الفترة الأخيرة بعض المخاوف لدى مستثمري الدول الخليجية من احتمالية رفع سعر فائدة الإقراض والائتمان ببلادهم خلال الفترة المقبلة، وذلك في أعقاب تقليص بنك الاحتياط الفيدرالي الأمريكي لبرنامج التيسير الكمي المتمثل في طبع المزيد من النقود لشراء الأصول والسندات "بهدف إنعاش الاقتصاد وخفض معدلات البطالة"، وذلك من 85 مليار دولار شهرياً إلى 75 مليارا اعتباراً من شهر يناير الماضي ثم خفضه مرة أخرى اعتباراً من أول فبراير الجاري ليبلغ 65 مليار دولار فقط، وما يمكن أن يعقبه من رفع البنك المركزي الأمريكي لسعر الفائدة المصرفية بالبلاد بما سوف يؤدي بالضرورة إلى رفع أسعار الفائدة بالبنوك بالعديد من دول العالم ومن بينها الدول الخليجية وما يترتب على ذلك من زيادة تكلفة الإقراض والتمويل.ولقد أدى تقليص برنامج التيسير الكمي الأمريكي بالفعل إلى إشعال نيران أزمة ضخمة بالعديد من أسواق الدول الناشئة وزلزل الكثير من عملاتها وفي مقدمتها الهند والبرازيل وتركيا والأرجنتين وإندونيسيا، مع وجود تخوفات عديدة من انتقال الأزمة إلى مناطق ودول أخرى في العالم، وذلك تخوفاً من التوقعات المتزايدة باحتمالية رفع البنك المركزي الأمريكي لسعر الفائدة في ظل تعهدات سابقة لمسؤوليه بخفض برنامج التيسير الكمي ورفع سعر الفائدة عند بلوغ معدل البطالة بالبلاد إلى 6.5% والذي يبلغ حالياً 6.6%.هذا وقد أكد العديد من الخبراء المصرفيين والمحللين الماليين على بقاء عملات الدول الخليجية بعيدة عن هذه المخاوف، خاصة أن السلطات النقدية بالعديد من دولها قد اتخذت عدداً من الإجراءات التي خفضت من اعتمادها على رفع سعر الفائدة لتحقيق التوازن المطلوب، بالإضافة إلى ارتباط بعض دولها بسلة من العملات كما هو الحال مع الدينار الكويتي.. وأكد هؤلاء الخبراء على صلابة الموقف المالي للدول الخليجية وأنها تمتلك سلعة إستراتيجية أساسية مطلوبة دائما من جميع أسواق العالم وهي الطاقة من نفط وغاز، بما يجعل من عملاتها أكثر قوة في مواجهة أي تقلبات مالية إقليمية أو عالميه، في ظل استفادتها من الأزمة المالية العالمية الراهنة في تكوين احتياطيات ضخمة من العملات الأجنبية.إلا أن التأثير السلبي لتقليص برنامج التيسير الكمي الأمريكي على العديد من دول الأسواق الناشئة كان أكثر تأثيراً، حيث شهدت هذه الدول حالات كثيفة من خروج المستثمرين من أسواق عملاتها وسحبهم لودائع ضخمة من عملاتها، ومن ثم تراجع أسعار صرف هذه العملات، بالإضافة إلى استغلال مضاربي العملات من مديري الصناديق المالية الكبرى والبنوك العالمية لحالة السيولة الكبيرة للدولار الأمريكي المترتبة على زيادة ضخ أموال برنامج التيسير الكمي في المضاربة على بعض العملات الضعيفة ذات درجات التذبذب العالي بالأسواق الناشئة لتحقيق مكاسب رأسمالية ضخمة.ولقد ترتب على خفض طبع البنك المركزي الأمريكي لنحو عشرين مليار دولار شهرياً "من 85 مليارا إلى 65 مليارا" والتي كانت تضخ في الأسواق لشراء الأصول والسندات وفق برنامج التيسير الكمي، إلى خفض المعروض من العملة الأمريكية بالأسواق ومن ثم ارتفاع قيمتها "نتيجة لخفض المعروض منها مع ثبات أو تنامي الطلب عليها"، ورغم تحذير بعض المستثمرين من الإفراط في التفاؤل بانتعاش دائم للدولار الأمريكي إلا أن هذه الخطوة قد أدت بالفعل إلى خفض عملات العديد من الدول سواءً المتقدمة منها أو الناشئة.ففي أعقاب هذه الخطوة الأمريكية انخفضت قيمة الجنيه الإسترليني مقابل الدولار، وأظهرت البيانات الصادرة من البنوك البريطانية عن حدوث ارتفاعات كبيرة في الموافقات على القروض العقارية خلال شهري يناير الماضي وبداية الشهر الحالي، كما انخفض كذلك سعر اليوان الصيني في أعقاب هذه الخطوة من 6.09 إلى 6.03 يوان لكل دولار.. وقد اضطرت بعض الدول في مواجهتها لتلافى الآثار السلبية لهذه الخطوة إلى رفع أسعار الفائدة ببنوكها بنسب ومعدلات قياسية.ومن الدول التي اضطرت إلى رفع سعر الفائدة ببنوكها تركيا التي رفعت سعر فائدة الإقراض من 7.75% إلى 12% ورفعت كذلك سعر إعادة شراء الأوراق المالية لليلة واحده من 4.5% إلى %10 دفعة واحدة، كما ضعف أداء الليرة التركية بصوره كبيرة في أسواق العملات العالمية من جراء تقليص البنك المركزي الأمريكي لبرنامج التيسير الكمي الذي جاء في وقت عصيب على الاقتصاد التركي الذي يعاني آثار مشاكل ملحة وفي مقدمتها قضية الفساد المتهم فيها عدد من أبناء الوزراء المنتمين لحزب العدالة والتنمية الحاكم بالبلاد والتي استقال بسببها بعض وزراء الحكومة، وهو الأمر الذي أضعف كثيراً من ثقة المستثمرين ودفعهم إلى إخراج أموالهم خارج البلاد ومن ثم تعميق الأزمة.