12 سبتمبر 2025

تسجيل

عالم الصحافة

27 فبراير 2014

لماذا يعزف الشباب القطري عن العمل في الصحافة "هذا سؤال" سمعناه كثيرا في مختلف وسائل الاعلام المحلية، وحسبما عرفت وفهمت أن اغلب المشاكل والصعوبات التي تعرقل نجاح تجربة الشباب القطري في المجال الصحفي هي قلة المخصصات المالية وهذه مشكلة ومطلب دائما يأتي في مقدمة الاسباب التي تقف مثل الحاجز امام دخول الشباب القطري من الجنسين الى عالم الصحافة، وقد تحدث وناقش الكثير من المنظرين والمتحدثين المختصين في هذا الامر هذه الاشكاليات التي لاتزال موجودة منذ سنوات طويلة، ولكن من خلال الممارسة على أرض الواقع فإن هناك اسبابا حقيقية هي الأهم حسبما أعتقد شخصيا، وهي عدم تفهم بعض المسؤولين في الوزارات والهيئات لطبيعة العمل الصحفي والاعلامي بشكل عام، فهؤلاء المسؤولون لايريدون أحدا من الصحافة يقترب منهم أو من المؤسسات والهيئات الحكومية التي يتولون فيها المسؤولية، ويريدون أن يكون كل عمل يتناول جهاتهم متفقا عليه مسبقا، وان يقوموا بالاطلاع عليه بل وأحيانا التوقيع على "البروفة" للموضوع الذي سيتم نشره عن الجهات التي يتولون مسؤولية إدارتها، وهذا يجعل المهمة التي يقوم بها الصحفي شاقة للغاية فعلى سبيل المثال لو حصل على خبر وأراد التأكد من صحته بتأكيد أو عدم تأكيد من الجهة الرسمية، فإنه لا يصل الى نتيجة ولا أحد يخبره بأي شيء ويتم الاتصال به لعدم تناول الموضوع أو الكتابة عنه حتى تصدر الاوامر بذلك، وفي هذه الحالة يبقى الصحفي محاصرا فلا هو حصل على معلومة يمكن أن تكون موضوعا صحفيا يقوم بنشره في الصحيفة وهذا عمل الصحفيين، ولا حصل على نفي للموضوع و"أراح واستراح" حسب التعبير العامي ويمكن أن يتفرغ بعد ذلك للبحث عن موضوع آخر وفي هذه الظروف يرى الصحفي المواطن الذي يعمل في الميدان أنه مستبعد ولايراد له تقديم الخدمة للجمهور الذي يتابع صحيفته التي يعمل فيها، وفي ظروف غامضة مثل هذه يجد الصحفي الباحث عن الخبر أو الموضوع الصحفي أنه يجب أن يرضى بأن يؤمن ويسلم بوجهة نظر بعض المسؤولين في بعض الجهات الحكومية والمؤسسات العامة ويأخذ المعلومة منهم بعد أن تصبح من الاخبار القديمة وهو ما يجعل الباحث عن الخبر الموثق من مصادره الرسمية يشعر بالاحباط ويدفعه الى الانسحاب من الميدان ولهذا وبكل صراحة فان تجاوز هذه المشكلة مثلما نلاحظ في الواقع أن يتعود بعض الصحفيين مع هذه الحالة والرضوخ للأمر الواقع وتلقي المعلومات من مصادرها وكما تأتي، وان كانت "بايتة" لفترات طويلة في الادراج وأما البعض الآخر فينسحبون ويخرجون من العمل الصحفي فهم يرون أنه غير مريح ولا يستحق كل هذا العناء والدخول في مصادمات احيانا وخصومات متنوعة هم في غنى عنها ويخرجون الى مواقع أخرى يجدون فيها عوائد مالية اكثر ودون كل الصعوبات التي يتضح لمن يعايش المهنة على أرض الواقع أن المردود المالي لهذه المهنة الهامة والصعبة ليس السبب الرئيسي كما يتم طرحه في كل نقاش، بل ان هناك أسبابا أخرى كثيرة منها ما ذكرناه، ولا يمكن للعمل الصحفي ان يؤدي دوره الهام في المجتمع حتى يتم التعامل مع هذه الصعوبات بكل شفافية وصراحة حتى يتم الوصول الى حلول عملية تبعد الصحفي عن دوامة بعض المسؤولين الذين يتفننون في "فر" كل من يقترب منهم أو من الجهات التي يديرونها.