22 سبتمبر 2025
تسجيلالحديث عن الفواتير، خاصة فواتير الشراء أمر ممتع للغاية، ليس في نتائجه بل في أنه يجر معه أذيال الحديث إلى غصة لا يمكن بلعها أحيانا، ولم يتبق أحد لم ينكو بنار الفواتير، ولكنني سأتحدث اليوم عن جانب من هذه الجوانب واترك أذيال الحديث في الجوانب الأخرى.وللوصول إلى ما أرجوه من حديثي وعبثي هذا، سأحكي لكم عن موقف حصل معي شخصيا، حيث اعتدت شراء مشروب غازي بطعم الزنجبيل من سوبر ماركت معين وهو الوحيد الذي يحضر هذا النوع من المشروب في كل الدولة، وسعر العلبة الواحدة 3.75 ريال أي أربعة ريالات إلا الربع، ولأنه نادر فقد كنت أدفع هذه القيمة في العلبة بعد أن أشتري مجموعة من العلب من باب مكره أخاك لا بطل، إلى أن أتى ذلك اليوم المشؤوم الذي ذهبت فيه إلى نفس السوبر ماركت لشراء نفس المشروب، وهناك كانت الصدمة الكبيرة فقد قفز سعره بقدرة قادر وخلال أيام قليلة إلى 8.75 ريال أي تسعة ريالات إلا الربع، فما كان مني إلا أن سليت لساني من غمده وطلبت المسؤول عن هذا المحل، وحين أتى شرحت له وبنبرة حادة أنه لا يمكن التصرف هكذا في الأسعار بطريقة اعتباطية، وأن المشروب قيمته كذا والآن أصبح بكذا، فحاول هذا المسؤول أن يمتص غضبي ليصفعني بعذر أقبح من ذنب، وقال ان الدفعة الأخيرة من هذا المشروب قد أحضروها بالطيارة من البلد المصنّع، فيما كان يتم إحضارها في السابق عن طريق البحر، وقبل أن أصب جام غضبي عليه تمالكت نفسي وقلت له (وش دخل الزبون في طريقة احضار هذا المشروب سواء ركب درجة أولى أو سياحية أو حتى معلق في أجنحة الطيارة.. أنا فقط أهتم بالسعر وهذا الارتفاع غير معقول وغير مبرر)، ولا أدري كيف أنني قمت بحيلة وكيف نزل علي الإلهام في ذلك الوقت حين أخذت علبة واحدة من ذلك المشروب وذهبت إلى الكاشير وأزلت ملصق السعر، وحين فحص السعر عن طريق (البار كود) الأصلي في العلبة وجد أن سعره 3.75 ريال وهنا صحت بأعلى صوتي أرأيت كيف أنكم تغشون وكيف أن السعر الأصلي مخزن في جهازكم، هنا لم يتمكن من الانكار وأخذت العدد الذي أريده بنفس السعر السابق، وخرجت من المحل.عند خروجي من المحل تذكرت اخوتي الزبائن الذين قد يقعون فريسة سهلة في هذا المحل وقمت بالاتصال بالأبطال الأشاوس الذين يفزعون لك من حيث لا تدري (حماية المستهلك)، وما ان رن هاتفهم إلا واستجابوا للرنين بأسرع ما يمكن، ولكن تجاوبهم مع مضمون الشكوى لم يتم حتى الآن بعد أن مضى عليها أكثر من ستة شهور، ووجدت أن الآلية التي يسيرون عليها ويتلقون الشكاوى فيها مزعجة جدا، فقد طلب مني الموظف الذي رد على الهاتف أن أحضر معي الفاتورة السابقة التي أشتريت بها هذا المشروب من زمن بعيد وأحضر الفاتورة الحالية وأقوم بتصوير العلبة (نسيت أن أسأله عن الخلفية التي يريد بها صورة العلبة) ثم أحضر بطاقتي الشخصية وأذهب إليهم لفتح ملف قضية وتقديم هذه الشكوى، قمت بعمل حسبة بسيطة وجدت أن الوقت وسعر البترول وسعر التصوير يكلف أكثر مما دفعته للمحل فغضيت الطرف عن حماية المستهلك، وترجيته أن يبعث أحدا من قبل هذه اللجنة الموقرة إلى المحل ويقوم بما قمت به أنا من خلال فحص البار كود الأصلي على العلبة لأنه يظهر السعر الحقيقي، موضحا له أنني كبقية الشعب لا نملك ثقافة الحفاظ على الفاتورة خاصة إن كانت لا تتعدى المائة ريال، وأننا بمجرد خروجنا من المحل نرمي بها في أقرب سلة مهملات، وشعرت أنه يود أن يقول حتى وإن كانت معك (بلها واشرب ميتها) لن اتحرك إلا بعد أن تنجز المتطلبات التي قد تأخذ مني يومين ناهيك عزيزي القارئ عن (التسحب) في المحاكم وغيره، فقط لأنني اشتكيت وقمت بابلاغ الجهات المسؤولة عن حمايتنا من الجشع.هذا الموقف قد يصادف أيا منكم، وبصراحة لم أكن أتوقع من حماية المستهلك أن يكون ردها بهذه الطريقة ولم يكن لدي أدنى شك في السابق من أن حماية المستهلك ستنتصر لنا من غول الجشع لدى بعض التجار، ولكن إذا كانت تسير بهذه الآلية في تقديم الشكوى فأعتقد أننا جميعا سنتغاضى عن الشكوى بدلا من تعطيلنا عن أعمالنا من خلال المتطلبات التعجيزية التي يريدونها.لذا أهمس في أذن لجنة حماية المستهلك وأقول لهم "نحن فعلا تنقصنا ثقافة المحافظة على الفواتير، ولكننا بالرغم من ذلك لا نرضى أن يتم استغلالنا بطريقة غير لائقة من قبل بعض التجار، كما أننا قد سئمنا من (شرب مية الفواتير التي بليناها)!!