11 سبتمبر 2025

تسجيل

يوم غضب ميداني للمرأة السعودية تلبية للفيس بوك.. فتنة!!

27 فبراير 2011

ظهرت دعوات على الفيس بوك تعزف على وتر يوم غضب في المملكة العربية السعودية، بمسمى "ثورة حنين" دعت للخروج يوم 11 مارس المقبل للمطالبة بمطالب حقوقية منها نحو حريات أكبر للمرأة. لا بأس في الوطن العربي فكريا وسلميا وحواريا المطالبة بدول الدستور والحقوق المدنية ولكن أن تزج حقوق سهلة الاكتساب في ثورات ميدانية؟ فـ "الفتنة نائمة، لعن الله من أيقظها". ليس ذلك هضما لحقوق المرأة السعودية في الدفاع عنها او المطالبة بها لأنها تأخرت كثيرا ونحن معها. ولكن هل يعقل أن تتحول حقوق المرأة إلى معركة؟ استنكرنا مطلع العقد الماضي طلب بعض أخواتنا الكويتيات تدخل خارجي في شؤون الكويت لمجرد المطالبة بدخول المرأة الكويتية قبة البرلمان "مجلس الأمة"!.. إذ كيف تستدعي المرأة الواعية والمثقفة إدخال الفتنة على وطنها؟ لم يكن الفيس بوك وحده قناة حركة المرأة السعودية، بل طالعنا تويتر بمن وضع حقوق أو حركة المرأة السعودية على خط ما يسمى "الهاش تاغ" أي جعلها حديثا رئيسا على تويتر وان لم يحصد ذات المشاركة وان كان هذا مقبولا ومطلوبا كوسائل فكر وتداول رأي بين النخب والمفكرين والشباب على مستوى الإعلام الاجتماعي أو الرسمي أو حتى جعلها منصات لإيصال الرسائل والمطالبات للحكام من قبل الجنسين، كما دعا العقلاء في رسائل إلى مطالب إصلاحية عامة موجهة للملك في 25 فبراير الجاري على الفيس بوك، ولكن لا يعقل أن يأتي العقلاء لإدخال دعوات حق لها قنواتها في الحوار الوطني لنقلها إلى ساحة غضب قد تتحول إلى ما يراد به باطل من تفتيت الوحدة الوطنية وتبعاتها. فمن ادخل هذا الوتر النسائي أيضا على خط المطالب الثورية للميدان؟ وهل من مصلحة المرأة في الوعاء الأعم لمفهومها "كمُواطِنة صالحة" — بكسر الطاء — أن تعرض الشأن العام أو "المواطَنة الصالحة" — بفتح الطاء — لعدم الاستقرار وهي عضو في هذه المنظومة المتناسقة؟ ما يبدو لنا هو أن خادم الحرمين الملك عبدالله، وان كان مسنا إلا انه رجل إصلاحي قد حرص منذ بداية عهده في النظر في شؤون دولته والمواطنين فيما طالعتنا به وسائل الإعلام من زيارات ميدانية متعددة أسفرت عن مكاسب للمملكة في مجال دعم الصناعة المحلية وسعر الوقود وغيرها مما هو مستمر، ولعل ما أعلن مؤخرا الأسبوع الماضي بعد عودته للمملكة من إصلاحات تناولت بدل غلاء المعيشة والإسكان والضمان الاجتماعي والسجناء والجمعيات المهنية والفئات والأسر المحتاجة، والبعثات والإعفاء أو التخفيف من الأقساط والديون، تعد مقدمات لحقوق اكبر لا سيما في بلد وضعه مُركَّب من الناحية الجغرافية او الديموغرافية او السكانية او التعددية المذهبية ووضع المشايخ والمطاوعة وغيره.. فضلا عن كونه مركز العاصمة الإسلامية الدينية. هذا مؤخرا، ولعلنا قبل ذلك رأينا توجهات يمكن تحليل أبعادها على المستوى السياسي العالمي والحقوقي الداخلي إيجابيا: أولها: دعوة خادم الحرمين للاجتماع بين علماء ومفكري العالم الإسلامي في المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار في "العاصمة الدينية مكة المكرمة عام 1429هـ "، ومن ثم مشاركته في تحالف الحضارات والحوار في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نوفمبر 2008 وإلقاؤه لخطاب دولي. ومشاركة المملكة في مؤتمرات الحوار بين الحضارات آخرها ما كان في ريو دي جانيرو — البرازيل مايو 2010 من قبل تمثيل المملكة بوزير خارجيتها وإلقاء خطاب في جلسته الافتتاحية. ثانيها: الدعوة للحوار والاندماج الثقافي مع الآخر وتغير لهجة الخطاب الدعوي وخطب المنابر وتوجتها مؤخرا خطبة الحرم المكي في عيد الفطر المبارك للعام الهجري المنصرم 1431 في سبتمبر 2010 والتي تحث على حوار الثقافات والتي هي من صميم الدعوة الإسلامية، هذا بعد ان ظلت خطب الحرم المكي ترزح ولزمن بعيد تحت قضية المرأة والحجاب والنقاب. وهل تغطي عينا واحدة أم عينين! والعباءة هل فوق الرأس أم على الكتف، وحقوق الزوج وغيرها.. ليس في خطب الجمعة فحسب بل حتى في عيد الحج الأكبر وكأن قضايا الأمة جلها تجذّرَتْ في المرأة، ولكن مَن يتابع خطب الحرم المكي يجد اليوم تغيرا في لهجة الخطاب الديني الذي ظل لفترة يعزل الحياة عن الدين في قراءة خاطئة للإسلام الذي يجعل الدين هو الحياة بالمفهوم الشامل لا الجزئي. أما ثالثها: وليس الأخير وفي سياق لم أرتبه هنا بتسلسل تاريخي: فهو في دعوة خادم الحرمين في مارس 2010 لرائدة حقوقية دولية في الشرق الأوسط هي الشيخة موزا التي يدرك من لاحظ بعين حصيفة رمزية الملك في التقدير في طريقة التحية والسلام وتقدم خطوات الملك في مجلس الاستقبال لهو تقدير لدورها الرائد في المجال الحقوقي والتنموي لا سيما في مجال دعم تعليم وعمل وحقوق المرأة والذي نحسبه ونحلله إرهاصا مبكرا لتغييرات ايجابية ومكتسبات قادمة حتما في مجال حقوق المرأة السعودية. إرهاصات ملحوظة سماها الإعلام السعودي "بالزيارة التاريخية" خصوصا في بلد مثل السعودية ومليكها يستقبل سيدة أولى "امرأة" وقد وضعتها بين قوسين لأنني اعرف ما تعنيه المرأة وحرج استقبالها او مصافحتها في بلد شديد المحافظة مثل السعودية، أضف إلى قصر النظرة الى حقوقها سالفا من منظور درء الفتنة في الخطاب الديني البحت للمشايخ دون النظر الى دورها المجتمعي والذي نستقيه من فترة العهد النبوي وعهد الصحابة كأعظم دور تقلدته المرأة المسلمة تأسيا "بخديجة وعائشة رضي الله عنهما" باختلاف المواقف. هذه كلها مؤشرات إلى التوجه السعودي الإيجابي نحو التغيير ودعم حقوق المرأة على وجه الخصوص، وان كانت تخطوها بتؤدة للاختلافات البنيوية الداخلية في المجتمع السعودي عنها في أية دولة أخرى من دول الخليج. "بيت القصيد"، إن حقوق المرأة قادمة في السعودية بثورة فكر وحوار عقل تلتقي مع إرادة حاكم دون الحاجة إلى الزج بها في ثورة أرض ودون إقحام لها في وتيرة ميدان قد لا تجني إلا الفوضى أو الفتنة، خطاب الإعلام الأمريكي هذه الأيام وللأسف ركز على أزمة نفط ليبيا.. رغم أن المفارقة والبعد الإنساني فيها محزن وعميق، فرج الله كربة شعبها ونصرهم ونصر الأمة قاطبة على الطاغية. كما ركزت الآلة الإعلامية الأمريكية على استعداد المملكة العربية السعودية لضخ ما يعوض نفط ليبيا، ولكنها تتساءل عن إمكانية قيام حركات محتملة أو وشيكة في الساحل الشرقي للمملكة — يُعلَم ما وراءها سلفاً — كما جاء في سي ان بي سي وس ان ان واورايلي فاكتور على فوكس ومدى وأثر ذلك على الدول الغربية. ونحن نرجو ألا يُغيَّب وعي وفكر البعض لتسهم مطالب مائدة حوار في خوض فتن شرقية أو غربية المملكة في غنىً عنها، ونأمل لخادم الحرمين موفور الصحة واستكمال الحركة الإصلاحية التي بدأها درءا للفتنة وسدا لذرائع فتن مذهبية قد تتخذ المطالب العامة مدخلا لها. فإلى الأمام أيتها المملكة الشقيقة في مكتسبات وحقوق في سلم وحوار نتمناه عربيا دون ثورات دموية او دخلاء. كاتبة وإعلامية قطرية Twitter: @medad_alqalam medad_alqalam @ yahoo.com