05 أكتوبر 2025
تسجيلفي عام 1918، وبينما كان العالم يتأهب لنهاية الحرب العالمية الأولى بين إمبراطوريات ذلك الزمان -وبعضها كان على وشك السقوط والتفكك- وخريطة العالم تتشكل وتتغير والجميع يحاول رسم حدود بلاده والاستيلاء على أكبر حصة من الإمبراطوريات المنهارة. والأباطرة والقياصرة يحاولون باستماتة الإبقاء ولو على جزء يسير من ممالكهم، والجنود لايزالون في خنادقهم وخلف مدافعهم، وفي خضم ذلك كله، انتشرت انفلونزا مميتة في العالم. قررت أغلب الدول منع الصحف من نشر أي خبر يتعلق بهذا المرض -بالرغم من الوفيات الكبيرة بسببه- حتى لا يدب الرعب بين الجنود خصوصاً خلال المعارك الأخيرة الحاسمة، فيما عدا إسبانيا- والتي لم تتورط في حروبهم ومعاركهم واتخذت الحياد طريقاً لها- فكانت صحفها تنشر أخبار المرض وعدد الإصابات والوفيات بشكل يومي. فظن الناس في الدول الأخرى أن هذا المرض موجود فقط في إسبانيا، فلا أحد يتحدث عنه غيرها، وإذا وصل إليهم فلابد أنه جاء من إسبانيا، ولذلك سمي المرض بالإنفلونزا الإسبانية (من المفارقات أن الإسبان واثقون بأن المرض وصل إليهم عن طريق فرنسا، ولذلك يسميه الإسبان بالإنفلونزا الفرنسية). ولولا ذلك، لربما سمي بالجائحة الكبرى، أو غيرها من المسميات المعبرة عن طبيعة المرض الذي عبر القارات ولم يقتصر على إسبانيا فقط. فقد حصد المرض 50 مليون وفاة، بينما عدد قتلى الحرب كان 16 مليوناً. تعتبر الشفافية والمصداقية في نقل الحقائق كما هي بلا إخفاء أو تعديل، من المبادئ الصعبة والثقيلة على النفس، خصوصاً عندما لا يتعامل بها الآخرون من حولك، سواء على مستوى الدول، أو المؤسسات، أو حتى الأفراد، ولكن إسبانيا اختارت المبدأ ودفعت ثمناً له أن التصق اسمها بالجائحة أبد الدهر، فهل كان موقفها صحيحاً في رأيك؟ @khalid606