19 سبتمبر 2025

تسجيل

الكتلة أم وعي النخبة؟ ➊

27 يناير 2021

الكتلة هي مجموعة نخب والنخب أو الصفوة لها أشكال متعددة ووظائف مختلفة، أهم محدداتها وجود هدف وقدرة من التماسك، وأسطع مثال على ذلك في سمائنا العربية هي النخب العسكرية التي تقلدت زمام الأمور بعد رحيل الاستعمار، ناهيك عن النخب التقليدية أو تلك الدينية التى كانت تمارس سطوتها من خلف الستار. في مقابل ذلك شاع ويشيع اليوم مفهوم الكتلة التاريخية بعد أن أوصلت هذه النخب الوضع العربي إلى الدرك الأسفل والحالة المأساوية التى تكابدها هذه المجتمعات من تشرذم وضياع للثروة وللإنسان ذاته. عندما أقصى القوميون الإسلاميين وأوكلوهم إلى السجون، وعندما يُستبعد القوميون اليوم باسم الإسلام. ماذا جنت الأمة فى محاربتها لنعمة التنوع التى خلقها الله -عز وجل- وجعلها سر الحياه. ماذا جنت الأمة من ضيق الأفق؟ باسم الدين حاربنا التسامح، وهو مبدأ ديني وباسم القومية صادرنا حرية الرأي والاعتقاد. جاء مفهوم الكتلة التاريخية ليتجاوز إشكالية النخب المتصارعة عندما صكه الفيلسوف الشيوعي الإيطالي غرامشي فى دفاتر سجنه، وبلاده تتمزق بين شمال برجوازي وجنوب إقطاعي، والشعب المنهك عبارة عن قطيع يدرك نهاره ليعيش ليله دونما أمل أو شعور بإنسانيته. دعا غرامشي إلى تكوين كتلة تاريخية جديدة من العمال في الشمال والفلاحين فى الجنوب، بعيدا عن صراعاتهم الدينية والمذهبية والطائفية لإزالة الكتلة التاريخية القديمة والعمل على الهيمنة على إبعاد المجتمع المدني، لأن المجتمع البرجوازي فى الأساس مجتمع مدني «وهي التعليم والصحافة والثقافة بمؤسساتها المختلفه». وأشار إلى أن العنصر الأساسي، والذي يعول عليه هنا، هو ما يسمى «بالمثقف العضوي»، وليس المثقف التقليدي. عودة لعالمنا العربي وإدراكا لما أوصلتنا إليه النخب، يبقى إدراك أبعاد الكتلة التاريخية أيضا ليس من السهولة بمكان لأسباب عديدة منها: ازدياد التشظي أكثر وأكثر أمام قضايا الأمة، بالإضافة إلى قلة وضآلة تأثير المعتدلين فيهما الذين يؤمنون بإمكانية الاتفاق وترك ما يختلف عليه من أجل الصالح العام. كذلك عدم وجود طبقة برجوازية حقيقية فاعلة فى المجتمع العربي، بحيث يمكن لها التأثير في السياق العام للمجتمع المدني من تعليم وثقافة لتحقيق مفهوم الهيمنة. أيضا: شيوع نمط المثقف التقليدي على حساب المثقف العضوي، والفرق بينهما هو أن الأول يعلم ولا «يحس»، والثاني يعلم و»يحس». [email protected]