11 سبتمبر 2025
تسجيلزيادة ديناميكية الأسواق عبر تعزيز ريادة الأعمال وفقا لتقديرات المؤسسات الدولية تبلغ البطالة بين الشباب في الاقتصاديات النامية نحو 20% بالمقارنة مع متوسط 10% في الاقتصاديات المتقدمة. وتعد زيادة التعليم وتحسين جودته إحدى المعالجات، لكنه غير كاف وحده. فهناك أعداد كبيرة من الشباب الحاصلين على تعليم جيد يجاهدون للحصول على وظائف جيدة في الأسواق الصاعدة والاقتصاديات النامية. وفي مقال حديث لها تقترح مديرة صندوق النقد الدولي السيدة كريستين لاغارد مع زميل لها السيد وجون بلودورن قيام الدول النامية بتنفيذ ثلاث سياسات للتعامل الناجح مع مشكلة البطالة بين الشباب. وأولى هذه السياسات هي زيادة المساواة بين الجنسين في مكان العمل، حيث إن الفجوات الكبيرة والمستمرة بين الجنسين هي سبب رئيسي لتراجع نتائج سوق العمل بالنسبة للشباب في الأسواق النامية. ففي المتوسط، تبلغ نسبة الشابات غير العاملات وغير الملتحقات بالتعليم حوالي 30% من مجموعهن في هذه الاقتصاديات، وهو ما يقارب ضِعف نسبة الشبان في نفس الوضع. وثاني السياسات هي تحسين كفاءة أسواق العمل من خلال الحد من لوائح العمل المفرطة في التقييد، وضمان ألا تكون تعويضات إنهاء الخدمة باهظة التكلفة، ووضع حد أدنى للأجور لا يكون مفرطاً في الارتفاع مقارنة بمتوسط الأجور، كل ذلك يرتبط بتحسن التوظيف والمشاركة في سوق العمل للشباب غير الملتحقين بالتعليم. وثالث تلك السياسات هي زيادة انفتاح أسواق المنتجات، حيث يمكن أن تشجع الحكومات زيادة ديناميكية الأسواق عن طريق تعزيز المنافسة وريادة الأعمال. فهناك عدد ضخم من الشباب على مستوى العالم لا يمكنهم الحصول على رأس المال أو القروض اللازمة لبدء مشروعاتهم الخاصة أو التوسع في مشروعاتهم القائمة. ويرتبط تحسن نتائج التوظيف وجودة الوظائف المتاحة للشباب بانخفاض تكاليف بدء الأعمال والأعباء الإدارية التي تتحملها الشركات. لكن هل صحيح أن هذه السياسات كافية لمعالجة مشكلة البطالة بين الشباب؟ لا شك أن الصورة العامة للشباب في أغلب أنحاء العالم، ولاسیما فیما یتعلق بالبطالة، مقلقة، لا بل ومخيفة في العدید من البلدان. وأمام انسداد الأفق لعمل الشباب، تنتشر مشكلات اجتماعیة لا تقل خطورة؛ كالفقر، والجریمة، والمخدرات، التي تهدد السلم الاجتماعي في تلك الدول.ويرى الخبير الاقتصادي الدكتور موسى شتيوي أن الأزمة أعمق من أن یتم حلها من خلال البرامج الموجهة للشباب؛ كالتدریب وإصلاح سوق العمل والقروض الصغیرة وغیرها من الحلول التي وإن كانت قادرة على التخفیف من حدة البطالة. فبالإضافة إلى ما یسمى بالبطالة البنيوية الناجمة عن التحولات التكنولوجیة والتغییر في الاقتصاد، فإن خطورة ظاهرة البطالة الآن هي في كونها هیكلیة، مرتبطة بالعولمة الاقتصادیة والتحولات التكنولوجیة الهائلة التي یشهدها العالم الیوم. باختصار شدید، فإن الاقتصاديات التي تمارس سياسات نيوليبرالية مفتوحة لیست قادرةً على أن تولّد فرص العمل الكافیة لاستیعاب القادمین الجدد إلى سوق العمل في كل مكان. والسبب الرئیسي لذلك هو أن السیاسات الاقتصادیة تكون موجهة لخدمة أصحاب رؤوس الأموال والشركات الكبيرة، التي تخلق وظائف دون شك، ولكن ذلك يتم تكييفه بما يحقق لها تحقيق أعلى العوائد. أي أن التوظيف ليس هدف بذاته إنما وسيلة يعتمد طريقة وحجم استخدامها على ما سوف تحققه من أرباح.إن حل مشكلة البطالة بين الشباب ليس سهلا، لكن من الصعب تصوره دون قيام الحكومات بممازجة سياسات تحفيز الأسواق والقطاع الخاص والنمو الاقتصادي ومع سياسات تنموية قصيرة وبعيدة المدى تضمن تحقيق سياسات التنمية والتحسين المضطرد في حياة المواطنين، وبضمن ذلك توفير فرص عمل لائقة لهم.