13 سبتمبر 2025

تسجيل

التشهير بالأديان وواجب المنظمات الحقوقية

27 يناير 2015

نؤمن بحرية الرأي والتعبير ولكننا لا نؤمن بحرية الإساءة والتشهير، كانت دولة قطر ولا زالت ذات مواقف ثابتة وراسخة من تضمين حرية الرأي والتعبير وحقوق وحريات الصحفيين والدفاع عنهم فقد طالبنا بها مرارا، كما أن دولة قطر راسخة في مبدأ عدم الزّج بالأديان والرسل في باب حرية التعبير. إننا في قطر حريصون كل الحرص وفي كل مناسبة على حق الصحفي وحق المعلومة وحقوق الرأي والتعبير لا التشهير والقذف، ولكن نحرص أكثر على احترام الأديان ففي الحقوق مسؤوليات وواجبات، كنت قد ذكرت في خاتمة مقالي الأسبوع الماضي أنه يجب أن يرفع المسلمون حكومات ومنظمات مطالبهم لمنع "ازدراء الأديان" إلى أروقتها ومحافلها الرسمية وبقوة لمواجهة التعنت المستمر من قبل العالم الحر والذي يدعي الديمقرطية في محاولات الزج بالتشهير بالأديان والرسل باسم حرية التعبير، وهنا نوجه إلى أهمية قيام مركز الدوحة لحرية الإعلام أيضا بدوره لمنع "ازدراء الأديان" عملا بالبند الخاص بهذا الاحتراز الذي وضعته دولة قطر في نظامه الأساسي عند إنشائه، خصوصا بعد اعتداء الكلمة المستمر والمتمادي على الرسول "ص" في قضية "إيبدو" الأخيرة، وانطلاقا أيضا من أهمية إثبات دوره كونه هو المركز العربي الوحيد للحقوق والحريات الصحفية على مستوى دول الشرق الأوسط، وعليه أود أن أذكر أن هناك عددا من البنود الأساسية والقرارات والمواد التي يمكن الاستناد عليها لخوض غمار الحق في عدم التشهير بالأديان باسم حرية التعبير وكنت قد رفعت فيها تقريرا متكاملا لمجلس إدارة مركز الدوحة لحرية الإعلام عام 2009، ففي ظل التأكيد على احترام الدول الإسلامية لحق حرية الرأي و التعبير، فإنه لا يجوز بأي حال من الأحول تبرير محاولات التشهير بالأديان والتحريض القائم على العداوة للأديان باسم ممارسة حرية التعبير، فهذا عين الاستعداء المغذي لرد الفعل العدائي قبل استعداء الإرهاب، فالقوانين المتعلقة بحرية الرأي والتعبير كلها تؤكد على:-احترام حق الفرد في الحصول على المعلومات واعتناق الآراء واستقاء الأنباء وتلقيها وإذاعتها بأي وسيلة، ولكن مع حظر استخدام أي وسيلة لبث المعلومات بطريقة مسيئة أو تشهيرية ضد الأديان أو الرموز الدينية ومن بينها الوسائل الإعلامية المطبوعة والمسموعة والمرئية والإلكترونية سواء للحض على العنف ضد أتباع بعض الأديان أو الترويج وبث أفكار تمييزية أو كارهة للغير (الآخر). -وهذا قد تم تأطيرالحق واحترازاته استنادا إلى المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 19 و 20 العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي سبق ذكرها في المقال الأسبق والتي تم توضيح قيودها ومسؤؤولياتها، كما ينبغي على الدول ومنظمات المجتمع المدني لفت انتباه أنظار العالم للحث على تطبيق كل قرارات الأمم المتحدة المتعلقة باحترام الأديان مثل:- إعلان الجمعية العامة العام 1981 بشأن القضاء على جميع أشكال عدم التسامح والتمييز القائمين على أساس الدين أو المعتقد .- قرار لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بتاريخ 16/9/2005 بشأن مكافحة إهانة وازدراء الأديان.- قرار لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بتاريخ 27 مارس 2008بشأن مكافحة إهانة وازدراء الأديان. - صدور قرار مجلس حقوق الإنسان في الجمعية العامة للأمم المتحدة بمكافحة التشهير ضد الأديان 26/3/2009م والمقدم من باكستان باسم منظمة المؤتمر الإسلامي، فهذه مرتكزات رئيسة يجب على دولنا الإسلامية فرض تطبيقها بموجب الاتفاقيات والقرارات، كما يجب على جميع الدول تطبيق ما جاء فيها من "سن التشريع اللازم لمنع أي ترويج للكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية التي تشكل تحريضاً على التفرقة والعداء والكراهية أو العنف".- "حث جميع الدول في ضوء واجباتها على احترام حقوق الإنسان وحمايتها والوفاء بها واتخاذ الإجراءات التالية لمناهضة الإساءة إلى الأديان وحماية معتنقيها من التفرقة " كما جاء فيها من خلال: – "اتخاذ إجراء حازم لمنع نشر وانتشار الأفكار العنصرية أو المعادية للأجانب أو الآراء أو المواد المعادية لأي ديانة ولأتباعها والتأكد من حظر جميع الأعمال التي تشكل تحريضاً على الكراهية أو العداء أو العنف أو التمييز أو الترهيب ضد الأديان وأتباعها ".- "كفالة تجريم جميع أعمال التشهير بالأديان والتمييز على أساس الدين وتفعيل الجزاءات المناسبة التي تشكل ردعاً ملائماً لمثل هذه الممارسات ". - "تعزيز التسامح واحترام جميع الأديان ونظمها القيمية واتخاذ التدابير اللازمة – ولاسيما من خلال التثقيف وزيادة الوعي من أجل تغيير الأنماط الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تلحق الضرر بالأديان وأتباعها ورفض المساعي الرامية إلى تشبيه أي دين بالإرهاب والتصدي لها ". - "تصميم وتنفيذ السياسات التي يمكن أن تؤدي فيها النظم التعليمية إلى تعزيز مبادئ التسامح واحترام الغير والتنوع الثقافي وتشجيع التبادل الثقافي الدولي الذي يعزز التفاهم والتسامح بين أتباع الديانات المختلفة "، هذا ويجب أن يعي الجميع أن التسامح أو حوار الحضارات الذي تقع أخلاقنا في قمته لا يعني بأي حال من الأحول قبول الدنيّة في ديننا بازدراء الأنبياء والأديان بدعوى حريات ودعوات ظاهرها حق يراد بها باطل، ولا الرضوخ لأجندات سياسية وتجارية ربحية تؤمن بسياسة الكيل بمكيالين، فلن تخضع أنوفنا وكرامتنا لمهانة أبدا. وإن طاشت كفة المطفّفين رفعة فيمن يستَوفُون، وإهانة فيمن يُخْسِرونْ.