19 سبتمبر 2025
تسجيلفي بادي الأمر لا بد من تقديم الشكر والتقدير للجنة الوطنية لحقوق الإنسان التي بادرت بالدعوة لعقد مؤتمر دولي في الفترة من 22 ـــ 23 يناير من هذا العام من أجل حماية الصحفيين في الحالات الخطرة. وقد سعدنا بالاستماع إلى كلمة سعادة الدكتور حمد الكواري وزير الثقافة والفنون والتراث، وكذلك الدكتور علي بن صميخ المري رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان وثم الشيخ أحمد بن جاسم آل ثاني رئيس شبكة الجزيرة الفضائية. لقد كانت الكلمات الثلاث ذات أهمية نظرا لمناصب المتحدثين والذين تناولوا جوهر حرية الإعلام وحماية الإعلاميين ـــ الصحفيين ــ في الأزمات ومناطق الصراع. وتحدث بعد ذلك الأمين العام للحماية الدولية لشارة حماية الصحفيين، وأورد في كلمته بعض الإحصاءات، ذكر أنه في العام 2011 فقدنا عن طريق القتل 107 من الصحفيين أثناء تأدية واجباتهم الصحفية، وفي ثورة الربيع العربي خسرنا 23 صحفيا كما خسرنا أكثر من 500 صحفي خلال السنوات الخمس الماضية. إنها أعداد كبيرة وخسارة جسيمة للإعلام ومؤسساته. لكن لم يتطرق المؤتمرون إلى الخسائر التي يتعرض لها المواطن العربي على وجه التحديد جراء عمليات التشويش على المحطات الفضائية الإعلامية الإخبارية الذي تقوم به بعض الدول لحجب المعلومة عن المواطن العربي عن ما يجري في الساحات العربية المضطربة، ولم أجد محورا يناقش ذلك العمل " التشويش " والمطالبة بفرض أشد العقوبات على الدول التي يثبت أنها قامت بعملية التشويش على وسائل الإعلام. إن اغتيال الصوت والصورة عن طريق عمليات التشويش لا يقل إجراما عن اغتيال الصحفي أو المس بأدواته الصحفية. إننا في أمس الحاجة لسن قوانين رادعة من أجل حماية الصحفيين وحصانة وسائلهم الإعلامية وهي الكاميرا والصوت والقلم والمذكرات الميدانية. (2) إذا كنا نأتمر من أجل حماية الصحفيين في ميادين الأزمات والحروب العسكرية والحروب الأهلية ونطالب بإنزال أشد العقوبات على الأفراد والدول الذين يلحقون أضرارا بالصحفيين في ميادين الأزمات فمن باب أولى حماية الصحفيين العاملين في وسائل الإعلام على اختلاف أنواعها ووسائلها في الدول العربية عامة وفي دول الخليج العربي خاصة. نعلم جيدا أن الذين مهنتهم الصحافة ومؤهلاتهم العلمية في ذلك المجال والذين يعملون في الصحافة الخليجية الناطقة باللغة العربية هم من إخواننا العرب وقليل جدا من أبناء الخليج الذين يعملون بمهنة الصحافة، وعلى ذلك فلا بد من الاهتمام بشأن إخواننا الصحفيين العرب الذين يعملون في صحافتنا، إنه واجب علينا أن نوفر لهم القوانين التي تحميهم من الاستغلال وتحفظ لهم سرية معلوماتهم الصحفية، أعني إذا نشر أحد الصحفيين تقريرا عن مؤسسة ما بما لا يرضي تلك المؤسسة فإن على إدارة الصحيفة حماية سرية من كتب التقرير وأن يتحمل رئيس التحرير المسؤولية الكاملة ولا يجوز تحميلها أو إفشاء اسم الكاتب كي لا يلاحق بسبب عمله المهني شرط التأكد من المعلومات التي نشرت بأنها مؤثقة وغير قابلة للطعن قبل النشر. إن أمن سرية المعلومات الصحفية حق مكفول في الدول الأجنبية وحري بنا أن نسلك ذلك السلوك بهدف حماية الصحفي وضمان حرية تحركه من أجل الحصول على المعلومات التي تهم المجتمع والنظام السياسي، إن الصحافة برجالها تعتبر السلطة الرابعة في الدول التي تحترم تلك المهنة وتحميها، في ذات الوقت، يقول الوزير النزيه السيد عبد الله بن حمد العطية ستكون الصحافة المعين على أداء الواجب في محاربة الفساد والمفسدين وعلى ذلك لابد من حماية الصحفيين. إن الأمن الوظيفي للصحفي يجعله أكثر عطاء وأكثر التزاما بالمهنية في أداء واجباته الصحفية. إن إنصافه وتقدير عمله ومنحه الأجر الذي يكفيه عن السؤال هي العوامل التي تجعل منه صحفيا محترفا وبدوره يجعل للصحيفة هيبة واحتراما. لعلنا نتذكر أن صحيفة الأهرام كتب رئيس تحريرها في عام 1963 مقالا عن الحكومة السورية في ذلك الزمان الأمر الذي أدى إلى سقوط النظام السياسي في دمشق، ولعلنا نتذكر أن الصحفي بوب وود ورد المحرر في صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية نشر تقريرا عام 1974 عرف بعنوان " فضيحة ووتر جيت " سقط على أثرها الرئيس الأمريكي نيكسون ولم تعلن الصحيفة عن مصادر معلوماتها رغم كل الضغوط والإغراءات المادية وهناك شواهد كثيرة في تاريخ الصحافة لا مجال لذكرها هنا. ما أردت التأكيد عليه في المثالين السابقين هو أهمية المحرر الصحفي وأهمية دوره بالنسبة للصحيفة والرأي العام، ولا أريد أن يؤخذ من قولي هذا أنني أدعو إلى تبني الصحافة عندنا إسقاط وزير أو حكومة أو غير ذلك. إن الاهتمام بشأن الصحفي وهمومه وإيجاد الحلول لمعاناته وتحسين دخله بما يساوي نسبة التضخم السنوي تجعل ذلك الصحفي أكثر عطاء وأعمق انتماء إلى المؤسسة الصحفية والوطن الذي يعمل فيه. تقول المعلومات إن إحدى دور الصحف المحلية طالبت بعض صحفييها بتحسين أوضاعهم المالية أسوة ببعض موظفي المؤسسات في الدولة فما كان من قيادة تلك المؤسسة الصحفية إلا أن بلغت طالبي تعديل أوضاعهم المالية بأن عليهم الصمت والقبول بأوضاعهم أو الترحيل إلى خارج البلاد. إن هذا الموقف لا يتناسب وأخلاق أهل قطر المعروفين بكرم الأخلاق وحسن المعاملة للغير والرأي عندي أنها كبوة فارس (3) إن الاهتمام بأمر الصحفيين العاملين في بلادنا الحبيبة وحمايتهم وضمان أمنهم الوظيفي وتحسين دخولهم والاعتراف لهم بأهميتهم وأهمية أدوارهم، كل ذلك يجعل لصحافتنا مكانة مرموقة بين الصحف الخليجية خاصة والعربية عامة، إن الصحفي مثل المدرس بقدر ما يحصل من الاحترام والتقدير لدوره بقدر ما يتفانى في أداء واجباته دون ملل. إن الصحفي مثل الضابط الذي مهنته الجندية كلما أكرمته وقدرته وأعطيته حقه من أجل العيش الكريم كل ما زاد ولاؤه وحسن انتمائه وتفانيه في الدفاع عن الوطن. لقد كرمنا الله عز وجل بحكومة يقودها أميرنا المفدى ويعينه آل بيته ورجالات قطر الميامين العاملون في إدارة البلاد فرفع مستويات دخولنا وفرج همنا المالي وعلينا أن نلتفت إلى إخواننا العاملين في الصحافة القطرية ونزيد في دخولهم ولا ننتقص، إنهم يشكلون لنا ضرورة وطنية فبدونهم قد لا ترى صحافتنا النور في مواعيدها ولنعترف بأن الصحافة الوطنية هي عنوان الوطن والشعب. آخر القول: الصحفي المحترف ثروة وطنية يجب الحفاظ عليه وإكرامه والاهتمام بشأن استقراره ولا يقول أحدنا لمن طلب حقا من الحقوق اسكت وإلا فإني سآتي بعشرة من أمثالك بذات المرتب الذي تتسلمه.