19 سبتمبر 2025

تسجيل

وثائق العار.. تؤكد ضرورة حل السلطة

27 يناير 2011

ما كشفته قناة الجزيرة من وثائق كثيرة (1600 وثيقة) ومريرة, وشاركتها فيها صحيفة الغارديان الحصيفة والصينة, حول مآسي السلطة الفلسطينية والمفاوضين الفلسطينيين, واستعدادهم الكبير للتخلي عن كل الثوابت الفلسطينية, وهم لا يملكون مثل هذا الحق لا من قريب أو بعيد، يتجاوز حدود الفضيحة, ويدخل في باب العار بكل ما تملكه هذه الكلمة من معان. إن محاولات عبدربه في مؤتمره الصحفي, الرامية لتفنيد هذه الإثباتات, التي لا يمكن دحضها, هي إثبات في حد ذاتها على صحة هذه الوثائق, فلا مصلحة للجزيرة في تلفيقها, وهي لم تجتزئها عن سياقها, فالوثائق كاملة متكاملة, كما أنها مثبتة بمحاضر الجلسات. تبين بعض الوثائق: أن اتفاقيات أوسلو كانت مسماراً صغيراً في عربة التنازلات لهذه السلطة, التي لا تتناغم مع الشعب الفلسطيني, بل تنعق خارج سربه، فاقتراحاتها التنازلية, وصلت إلى الحد الذي لم يتبق فيه شيء من الحقوق الفلسطينية, فالقبول بكافة مستوطنات القدس باستثناء مستوطنة أبو غنيم, والتخلي عن ما يسمى بحي اليهود في القدس, والحي الأرمني, وجزء من حي الشيخ جرّاح, وإخضاع الحرم الإبراهيمي إلى التفاوض مستقبلاًمن خلال لجان, هو تخلٍّ نهائي عن بيت المقدس, قبلة العرب والمسلمين والمسيحيين، تماماً مثل التخلي عن حق العودة بشكل كامل, من خلال طرح عودة مئة ألف لاجئ على مدى عشر سنوات(بمعدل عشرة الآف كل سنة).هذا من بين خمسة-ستة ملايين فلسطيني يعيشون في الشتات، يحتفظون بمفاتيح بيوتهم وكواشين امتلاكهم لأراضيهم, ويحلمون بالعودة إلى وطنهم التاريخي، ويناضلون من أجل هذه العودة، قدموا الآف الشهداء, وما زالوا يقدمون التضحيات ويعمدونها بالدماء ,من أجل الوصول إلى الوطن. هذا التنازل التاريخي عن حق العودة، بالرغم من أن قرارات الأمم المتحدة(وأهمها القرار 194) قد ضمنت هذا الحق.المفاوض الفلسطيني منذ أوسلو المشؤومة وحتى هذه اللحظة, ضرب بعرض الحائط, كل قرارات الأمم المتحدة, التي من المفترض أن يتسلح بها في معاركه في مقاومة الاحتلال أولاً، وفي التفاوض ثانياً، وليس الأقدام على تفاوض المهزوم والذليل, الذي يبحث عن دولة, لا وجود لها على الأرض، دولة ناقصة السيادة، دولة هي عبارة عن حكم ذاتي هزيل, ليس إلاّ. يُصدّق شعبنا الوثائق التي أذاعتها الجزيرة، فمقدمات التخلي عن الثوابت الفلسطينية, قالها عباس صراحةً في تصريح له منذ بضعة شهور لا أكثر، عندما أعلن عن استعداده للتخلي عن الثوابت الفلسطينية مقابل اعتراف إسرائيل بدولة فلسطينية على حدود عام 1967، مع علمه أن لا وجود لهذه الدولة إلا في خياله، بسبب التجمعات الاستيطانية الكبيرة في الضفة الغربية والقدس، وبسبب الجدار العازل, وبسبب مصادرة الأراضي الفلسطينية لضرورة لزوميتها (وفقا لا لإسرائيل) للأغراض الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، الأمر الذي أبقى فقط على 40% من مساحة الضفة الغربية, وهي مقطعة الأوصال والحدود بفعل الجدار العازل, في ظل الاتفاق بين كافة الأحزاب الإسرائيلية على بقاء القدس عاصمة أبدية موحدة لإسرائيل، وأيضاً في ظل معرفة عباس الكاملة بالمشاريع الجارية لتهويد القدس, التي صادرت إسرائيل من أجل توسيع حدودها, ما يزيد على 15% من مساحة الضفة الغربية. نصدّق وثائق الجزيرة, التي تساوم سطورها بشدة على حق العودة للاجئين الفلسطينيين, لأن الرقم المطروح للعودة فيها, جاء شبيهه منذ سنوات, في الاتفاقية المشؤومة بين أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وبين يوسي بيلين, والتي اصطلح على تسميتها يومها بـ (وثيقة عبدربه-بيلين) أو ( وثيقة جنيف), وقد أثارت حينها ضجة كبيرة في أوساط الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، استنكاراً لها ولما تضمنته من تنازلات. أما بالنسبة لما تكشفه الوثائق حول حق الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، فالكل يذكر تصريحات ياسر عبد ربه لصحيفة هآرتس الإسرائيلية,منذ مدة ليست بالطويلة, والتي أبدى فيها استعداد السلطة للاعتراف بيهودية دولة إسرائيل.في نفس السياق جاءت تصريحات محمود عباس أمام التجمع اليهودي في الولايات المتحدة، وفي مقابلات صحفية كثيرة له, حين كان يعلن:أن هذا الموضوع شأن داخلي إسرائيلي. أما فيما يتعلق بالوثائق حول الاستعداد الفلسطيني لتبادل الأراضي مع إسرائيل، فمعروف موقف السلطة من قبول هذا المبدأ، لكن الجديد هو النسبة التي سيتم فيها تبادل الأراضي وهي نسبة 50:1. إن تبادل الأراضي هو فكرة إسرائيلية طرحتها مؤتمرات هرتزيليا منذ المؤتمر الأول وحتى الأخير، بهدف التخلص من الكثافة السكانية العربية في منطقة 1948، وتحديداً المثلث.ذلك بهدف إنشاء إسرائيل اليهودية، الدولة الخالية من العرب.إن قبول السلطة بهذا المبدأ هو استجابة من السلطة للمشروع الإسرائيلي, شاءت ذلك أم أبت.من ناحية ثانية فإن المطروح إسرائيلياً لتبادل الأراضي , هو صحراء النقب لتوسيع قطاع غزة، مقابل تعديل حدود عام 1967 ولكن من دون سكان، أي تحقيق معادلة:أرض أكثر وعرب أقل. نصدّق التقارير المنشورة عن التنسيق الأمني بين السلطة وإسرائيل، وهذا ما أعلنه دايتون في محاضرة له في الولايات المتحدة منذ نصف عام، قبيل تسليم مهمته إلى خلفه.ثم إن هذا التنسيق تتطرق إليه مصادر عسكرية وأمنية إسرائيلية في تصريحات عديدة, وتتعرض له الصحافة الإسرائيلية بين الفينة والأخرى، ثم ما تكشفه الأحداث على أرض الواقع، فالفلسطينيون المطلوبون للسلطة هم المطلوبون لإسرائيل. الجريمة في هذه القضية أن السلطة تنسق أمنياً مع أعداء شعبها. هذا تماماً ما ينطبق على الوثائق المتعلقة بتقرير غولدستون، فقد سبق للسلطة ولمحمود عباس شخصياً أن أمر سفيره المعني بتأجيل بحث هذا الموضوع في اللجنة التابعة للأمم المتحدة، وذلك وسط استغراب عربي ودولي حينها من الطلب الفلسطيني.الحادثة لاقت استغراباً من القاضي الجنوب أفريقي(غولدستون) نفسه، وثارت ضجة كبيرة بعدها فلسطينية وعربية، الأمر الذي أجبر عباس على تشكيل لجنة تحقيق للبحث في هذا الموضوع.هذه اللجنة لم تكتب تقريرها حتى اللحظة. بفضل جهود عربية ودولية واضطرار المندوب الفلسطيني إلى الطلب من اللجنة الدولية إعادة بحث التقرير، تم رفعه إلى الأمم المتحدة وضاع في متاهات خزائنها، الطلب الفلسطيني بالتأجيل جاء استجابة للتهديد الإسرائيلي للسلطة باتخاذ إجراءات رادعة بحقها.(وكأن إسرائيل لا تقوم بإجراءات رادعة ضد الفلسطينيين!). أما بالنسبة للعدوان الصهيوني على غزة، وتحريض السلطة على هذا الأمر, فقد تم الكشف عن هذه المسألة منذ بضعة أشهر أيضاً, وتطرقت إلى هذه القضية الصحافة الإسرائيلية بعد تسريبات كثيرة وكشفت هذه المسألة. أي أن السلطة تحرض من هم أعداء الشعب الفلسطيني على العدوان على هذا الشعب. إنه منتهى الخزي والعار, إنها جريمة اقترفتها السلطة بحق شعبنا المضحي بكل الغالي والنفيس في سبيل حقوقه الوطنية, في مرحلة دقيقة من مراحل نضاله وهي مرحلة التحرر الوطني.لا يستأهل شعبنا أن يُعاقب بوجود هذه السلطة على رأسه، والتي بعد فعل الخيانة التي مارسته, فليتم حل هذه السلطة، وليتم إسقاطها، فسلطة لا تحسن الدفاع عن شعبها, وتقترف الخيانة والعار بحقه، لا يجوز لها أن تبقى.