11 سبتمبر 2025
تسجيل"المصلحجي" وما أدراك ما "المصلحجي"،إنه كائن غريب يعيش ويتكاثر حول كل من يستطيع أن يستفيد منه أو يساهم في تحقيق مكاسب من ورائه، موطنه الأصلي مكاتب ومجالس المسؤولين وأصحاب النفوذ والأثرياء، ولكنه يمكن أن يتعايش في أي مكان وأي زمان ومع جميع طبقات المجتمع، فيمكن أن تجده في محيط بيئة العمل أو الحياة الاجتماعية. ولعل شخصية "المصلحجي" قديمة قدم الزمن، فمنذ الأزل و"المصلحجي" شخصية متحورة ومتطورة كفيروس كورونا، فهو قادر على التغير والتأقلم والتكيف مع جميع المناخات وتحت مختلف الظروف لتحقيق مصلحته الشخصية، فلو بحثنا في تاريخ البشرية لوجدنا "المصلحجية" موجودين على مر العصور وفي جميع الثقافات والتجمعات البشرية. وحتى تتضح الصورة للذين يقرأون هذا المصطلح لأول مرة فدعونا نعرف "المصلحجي" بشكل من الإيجاز، "فالمصلحجي" وصف يطلق على المتملقين أو المنافقين أو الوصوليين أو الاستغلاليين أو ماسحي الجوخ والقائمة تطول، فجميع هذه المسميات تتحد في كيان واحد وتشكل شخصية كائن غريب عجيب يطلق عليها "المصلحجي"، ولهذا هو أناني ومحب لذاته فقط لاحتوائه على كل هذه الصفات الذميمة. ولعل أهم ما يلفت النظر في شخصية "المصلحجي" هو عدم ورود كلمة مبادئ أو قيم في قاموسه، فالحكمة الوحيدة التي يؤمن بها في الحياة هي أن الغاية تبرر الوسيلة "فالمصلحجية" حول العالم "ميكافيليين" بدرجة ممتازة، فهو على استعداد لفعل أي شيء تتخيله عزيزي القارئ حتى يصل إلى أهدافه، فلا مانع لديه أن يكون مهرجا أو صديقا مقربا أو متدينا إن دعت الحاجة لتمثيل ذلك أو يعطي ايحاء بأنه ذات مبادئ فقط ليرضي من سيستفيد من ورائه، كما أنه قد ينقل الاخبار أو يشعل الفتن إذا اقتضى الأمر ذلك، ليحقق ما يرنو إليه، فهو يتشكل ويتحور ويتقلب ويتشقلب للوصول لغاياته وأهدافه. ولذلك يعتبر "المصلحجي" من أخطر الشخصيات التي يجب علينا الحذر عند التعامل معها، لأنه وبكل بساطة من وجهة نظري الخاصة من الصعب أن تكتشف شخصية "المصلحجي" بسهولة وإنما الوقت والأحداث هي التي تظهر لك حقيقته، ولا أبالغ إن قلت إنه غالبا ما تكتشف ذلك بعد فوات الأوان، حيث حقق "المصلحجي" مبتغاه وانتقل لحياكة خيوطه العنكبوتية على أشخاص آخرين. وبالرغم من أن "المصلحجي" متبلد الإحساس والمشاعر، إلا انه في نفس الوقت ممثل بارع في أداء جميع الأدوار الدرامية والتي يبدع في تقمصها وأدائها في وقت الحاجة بإحساس منقطع النظير يجعل المشاهد مقتنعا بحقيقة مشاعره وأحاسيسه أو ولائه وانتمائه. والعجيب والغريب أنك حتى لو اكتشفت حقيقة "المصلحجي" وواجهته بها لا تعتقد انه كما يقال "بيستحي على ويهه وبيحس، وما عادك بتشوف فرته مرة ثانية (الفرة تعني الوجه)"، بل على النقيض لهذا تماما، فعند حاجته لخدماتك سيأتي إليك مسرعاً وكأن شيئا لم يكن، ويبدأ "بعمل الشويتين بتوعه" أي التمثيل والاستجداء والتذلل والاستعطاف حتى يرق قلبك له وتبلغه ما يسعى إليه. إن "المصلحجي" وصولي وانتهازي بطبعه، فدائما ما يسعى إلى المناصب العالية والمراكز المرموقة بغض النظر عن الكيفية أو الأدوات التي سيسخرها لأجل تحقيق أحلامه، وهذه النوعية بالذات عزيزي القارئ عليك الحذر منها والابتعاد عنها، فهو ينطبق عليه المثل الشعبي القائل "لدغته والقبر" فلا يرده شيء عن محاولة إيذائك إن شعر بأنك قد تضر أو تؤثر على مكتسباته أو عرقلة خططه ومشاريعه. وختاماً أقول: إن الأنانية وحب الذات والنرجسية وكره الخير للآخرين هي الينابيع المغذية لشخصية "المصلحجي"، وهي التي تغذي نفسه المريضة فتدفعه إلى التسلق على أكتاف الآخرين بغض النظر عن الوسائل والطرق أو النتائج والعواقب. @drAliAlnaimi