17 سبتمبر 2025

تسجيل

أغلى ما يملكه الإنسان

26 ديسمبر 2021

* يقرر الوالدان قبل ولادة الجنين اختيار اسم مناسب ليميزه، وقد يكون اسما يشبهه.. فكل إنسان له نصيب من اسمه، ليكتب الاسم لأول مرة في شهادة الميلاد.. لتمر الأيام والسنوات يكبر ويلتحق بالعام الأول لدراسته، ينادى في الفصل باسمه، وتمر سنوات ورحلة الدراسة وطلب العلم بيوم تخرجه في الجامعة لينادى باسمه كاملا.. وعندما يتوظف يصدر قرار تعيينه باسمه، وعندما يتزوج يكتب اسم العروسين في وثيقة عقد القران، وعندما يموت الإنسان تكتب شهادة الوفاة باسمه.. فالاسم هو ما يميز الإنسان عن غيره، ويعرف بشخصه وهويته. * وعندما يتجه الإنسان لجهة حكومية لمتابعة وإنجاز بعض الأعمال.. وعند الاستفسار والسؤال للمتابعة يقال له: تابع الموضوع مع أم محمد، في المكتب الذي على اليسار من الممر، تذهب للمكتب المعني وتكتشف أن عدداً من الموظفات خلف المكتب، وارتدين النقاب، وتضع إحداهن تعريفاً لها على مكتبها بأم غانم، أسأل من أم محمد؟ ترفع يدها واتجه لها لأجلس لمتابعة الموضوع، وتقول يرجى التوجه للمكتب الآخر للمتابعة، أذهب للمكتب الآخر، وأفاجأ بأنه مقفول!، أضرب الباب مرة واثنتين.. ليأتيني صوت من الخلف: أضرب أقوى ما راح يسمعونك، اضرب كما هي ضرباتي على الباب ليفتح أخيراً وأدخل وأفاجأ أيضاً بموظفات يجلسن خلف المكتب، وارتدى عدد منهن النقاب ودون تعريف على المكتب لأسمائهن ولا حتى ارتدين تعريف الوظيفة ومسمياتهن أو طبيعة الوظيفة!، خاصة وأنهن يستقبلن مراجعين مما يتطلب معرفة الشخص الذي تتعامل معه كما هو عرف من يتعامل معه. * آخذ الأوراق وأعود أدراجي لأم محمد.. أسلمها الأوراق وقبل انصرافي لم استطع الصمت قلت لهن: لو سمحتن أنتن هنا تمثلن الوظيفة التي تجلسن خلف المكتب لها وتخرجن من بيوتكن صباحا لها، ونحن كمراجعين يهمنا أن نعرف من نتعامل معه بالاسم وليس اللقب!، إن صدر ما يثلج صدورنا من تفان وعمل ومساعدة وإنجاز.. من الإيجابية شكر الشخص باسمه وليس بلقب أم محمد أو أم عبدالله، كم واحدة تحمل هذه الالقاب؟، وإن صدر من الأخوات تصرف وسلوك وتقاعس عن العمل ومساعدة المراجعين كيف بالشكوى عليها دون معرفة اسمها ولا حتى شكلها؟، ترد علي أحداهن صعب نكتب الاسم هنا، هناك من يستغل الاسم لسلوك وكلمات وأقوال تزعجنا، إجابتها حرفياً غريبة جدا وغير مقنعة أن يأتي صباحاً من يرغب في تخليص أموره أن يجلس ليقول شعراً في أسمها!، ولا أتصور من بين 100 مراجع أن يأتي بكلمة أو سلوك مزعج فالمجتمع أكثر رقياً ووعياً. * الشاهد من كل ذلك ضروري جداً عندما نتصل بدائرة حكومية على رقم هاتف محمول أو أرضي مخصص للرد على المراجعين والعامة أن يعرف الشخص موظفة كانت أم موظفاً باسمه، فالمراجع يتصل على رقم يتعلق بجهة حكومية، ومن يرد على الاتصال موظف حكومي، ويمثل الوظيفة ولا يمثل شخصه وعلى هاتفه الخاص. * إحداهن كذلك اتصلت لمتابعة موضوع على رقم هاتف محمول ترد أخت وعرفت باسمي وشرحت المرضوع.. وخلال الحوار سألت من معي عفوا؟، ترد تفضل شنو موضوعك؟ وأكرر الطلب وتصر على عدم ذكر اسمها، وارجع لأذكرها إن هذا رقم وزارة وأنت موظفة ومن الضروري أن أعرف اسم من يرد علي وكحق لها ولي معرفة من هي. * للأسف نواجه مثل هذا الإصرار في عدم ذكر الاسم على الهاتف أو عدم تعليق الاسم أو وضعه على المكتب للموظفين من الجنسين ممن يقدمون خدمات للجمهور، فهذا الأمر من الأهمية، وحفظ للحقوق سواء كانت خدمة إيجابية أو سلبية.. فكلا الحالتين وغيرهما تتطلب إلزام الموظفين بكتابة أسمائهم ولم نطالب بخلع النقاب والتعريف الشكلي.. فهذا حق وحرية شخصية لهن، ولكن أن نكون خلف مكتب وأقوم بخدمة لجمهور فمن حق المراجع معرفة من يساعده ومع من يتابع. * آخر جرة قلم: استغرب لليوم خجل البعض من ذكر الاسم سواء اسم الأم أو الأخت أو الزوجة.. وكأنه عار وعيب! وسيد الخلق ومعلمها عندما سئل من أحب الناس إليك قال عليه الصلاة والسلام عائشة.. وفي أحاديث كثيرة من السيرة النبوية الشريفة ذكر صلى الله عليه وسلم اسم أم المؤمنين خديجة.. وذكر اسم ابنته فاطمة.. وغيرهن من أمهات المؤمنين والصحابيات رضي الله عنهن أجمعين. وفي حديث آخر لأهمية اختيار الاسم كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فأحسنوا أسماءكم" اسم الإنسان هو تعريف يرتبط بالإنسان منذ ولادته.. مرورا بمراحل الحياة وظروفها ورحلتها.. وانتهاء بوفاته. فالاسم فخر الاسم واعتزازه، ومرتبط به وبإنجازاته ونجاحه وحتى لحظات خيبات وفشل، وليس عاراً يخجل منه، ولا عيبا يتهرب من ذكره، أغلى ما يملكه الإنسان "اسمه"، فاحرص على سؤال أي شخص تتعامل معه ومناداته باسمه، ستكتشف أثر ذلك على نفسيته وملامحه.. تقديراً لذاته الذي يُعرف باسمه. Tw:@salwaalmulla