13 سبتمبر 2025

تسجيل

قمة المنامة.. والتكامل الاقتصادي

26 ديسمبر 2012

التكامل الاقتصادي هو عنوان التآلف الخليجي للمرحلة المقبلة، نظراً لما يفرضه الوضع الراهن من أزمات مالية متلاحقة وعدم استقرار منطقة الشرق الأوسط، فالسعي إلى تحقيق التناغم التجاري والصناعي بين دول الخليج سيكون مؤشراً قوياً مبنياً على معطيات جيدة حققتها المؤسسات الاقتصادية بالفعل. فقد وضعت قمة المنامة الثالثة والثلاثين لدول مجلس التعاون الخليجي الحالية آليات للتنسيق الاقتصادي بين الدول الأعضاء تعتمد في أساسها على مبدأ الاستثمار النوعي في مختلف الأنشطة ومواكبة المستجدات بما يحقق الرخاء للمجتمعات. وركزت الدول على تفعيل الجانب الاقتصادي بوضع آليات قانونية وتطبيقية تواكب المتغيرات، وتأخذ بيد المشاريع القائمة والتي خرجت للنور فعلياً، والسعي لرسم رؤى جديدة في مجالات الاستثمار والنقل والاتصالات والبيئة والسياحة. فالجانب الاقتصادي هو ركيزة التنمية في أيّ دولة ويعتبر العمود الفقري الذي تقوم عليه المشروعات المستقبلية لأن الأداء القوي والمؤشرات الواضحة هي البنية التحتية لانطلاقة أي مشروع جديد. وقد حقق هذا الجانب قفزات مثمرة على مستوى دول التعاون، حيث تم تفعيل السوق الخليجية المشتركة بوضع آليات للمتابعة والتقييم وإقرار شكل التعاون المالي والاقتصادي، وطرح مذكرة اقتصادية استعرضت طرح مشروع القواعد الموحدة للأسهم المالية في الأسواق المالية، ومشروع قواعد الإفصاح الموحدة للأوراق المدرجة في الأسواق المالية، ومشروع المبادئ الموحدة لحوكمة الشركات، والرقابة المصرفية الموحدة لدول التعاون. في المجال الصناعي والتجاري تمّ الاتفاق على نظام المنافسة الموحد لدول التعاون، ودراسة ووضع الصياغة النهائية لمكافحة الغش التجاري وحماية المستهلك والتعاون الصناعي وتقييم الإستراتيجية الصناعية الحالية للمجلس، كما تم الإعلان مؤخراً عن الخارطة الصناعية للمشروعات والتي ستفتح آفاق التعاون بين الشركات الخليجية. كما درست دول التعاون جهود إنشاء هيئة للاتحاد الجمركي الذي وضع برنامجاً زمنياً لتطبيقه وصولاً لتحقيقه في 2015، والذي سيعمل على تنظيم العلاقات بين الشركات في المنطقة، استعرضت أيضاً ملفات القطار الخليجي ومساره وآلية عمله، والسوق الخليجية المشتركة التي بدأت مرحلة التكامل في 2007. في مجال الطاقة فقد اعتمدت دول التعاون الإستراتيجية البترولية لدول مجلس التعاون وهي اعتبار الحفاظ على الموارد البترولية مصدراً رئيسياً للطاقة تبني على أساسها موارد ومشتقات، وتشييد المشروعات البترولية المشتركة بين دول المجلس والتخطيط لإنشاء شركات وطنية، وتأسيس شراكات في مجال التعدين، وتشجيع مواطني المجلس على استغلال الثروات المعدنية المتاحة في المنطقة. كما حققت اتفاقية الربط الكهربائي والمائي بين دول التعاون تقدماً ملحوظاً، وسيتم بناء عليها إنشاء مراكز لمتابعة آليات هذا الربط بين دول التعاون. في مجال النقل تسير دول التعاون بخطوات واعدة نحو تأسيس بنية تحتية للنقل حيث تم اعتماد العديد من مشروعات النقل والسكك الحديدية للركاب والبضائع، ويجري حالياً صياغة آليات نقل وتنقل بين دول التعاون. كل المؤشرات السابقة في مختلف الأنشطة الخليجية تفتح الباب بقوة نحو تكامل اقتصادي واعد، خاصة أن الرؤى صادقة وتستشرف المستقبل، حيث يأتي الاجتماع الحالي في ظروف بالغة التعقيد كما وصفتها قمة المنامة، وأن الظروف الراهنة للاقتصاد العالمي تتطلب حفز الجهود لتأسيس بنية تحتية للاقتصاد الخليجي. ولو تابعنا النواتج الإجمالية في كل دولة خليجية وفي العوائد المالية من الصناعات والاستثمارات والشراكات الدولية إضافة إلى مؤشرات القوة في الأداء المالي للمؤسسات الخليجية سنلاحظ مدى الركيزة الإيجابية التي يستند عليها اقتصاد التعاون، وفي رأيي أن أهم مرتكزات القوة هو المصداقية والثقة التي نجحت الحكومات الخليجية في أن تبينها مع منشآتها وأفرادها. ويعد اقتصاد التعاون من أسرع الاقتصادات نمواً ولعل اقتصاد دولة قطر بشهادة المؤشرات والبيانات الدولية يعد قوياً وواعداً للنمو عاماً بعد عام، وتؤكد التقارير الدولية أن الاقتصاد الخليجي تمكن من القفز على الأزمات المالية كما كان للتحفيز الحكومي دور مؤثر في أن يخطو الأداء المالي لخليجنا ما نراه اليوم. هذا الواقع بقدرة المؤسسات الخليجية على البقاء والثبات في وجه المستجدات العالمية يفتح الباب أمام الشركات للدخول إلى سوق الاستثمارات والصناعات والاتصالات والخدمات والطاقات المتجددة والتي تعد اقتصادات خصبة لا تزال في مهدها الأول.