15 سبتمبر 2025

تسجيل

غزة ووحدة الصف الفلسطيني

26 نوفمبر 2023

كانت أرواح شهداء قطاع غزة الحاضرة الغائبة في مشهد تحرير أولى دفعات صفقة تحرير الأسيرات الفلسطينيات والأشبال الفلسطينيين ما دون سن الـ19 عاما وعددهم 150 أسيرة وأسيرا، مقابل 50 أسيرا لدى كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية «حماس» من النساء والأطفال ومزدوجي الجنسية، وقد جاء إطلاق سراحهم كأحد شروط الهدنة المؤقتة التي دخلت حيز التنفيذ في تمام السابعة من صباح يوم الجمعة ولمدة أربعة أيام يتخللها وقف إطلاق النار من الجانبين الإسرائيلي وفصائل المقاومة في قطاع غزة، والتي جاءت بعد مخاض عسير من الاجتماعات المتواصلة التي عقدتها دولة قطر والولايات المتحدة الأمريكية بتنسيق مع الجانب المصري، مع إمكانية التمديد في حال التزم الطرفان بشروط الهدنة. ومن تابع مشهد تحرير الأسرى الفلسطينيين وهم 39 امرأة وطفلا، سيلمح وحدة الصف الفلسطيني التي تغيظ المحتل الصهيوني، وتغيظ أعوانه، الذين وفي كل عمل عسكري يقوم به فصائل المقاومة في قطاع غزة تطل رؤوسهم كالحية الرقطاء لانتزاع فتيل الفتنة بين أبناء الشعب الفلسطيني الصامد، لشيطنة المقاومة داخليا وتسويق لفظة أنها «داعشية»، لتقليب الرأي العام في الشارع الفلسطيني، واتهامها بأنها السبب الأوحد في زعزعة استقرار الفلسطينيين بل ومنطقة الشرق الأوسط، فتأتي هُتافات الأسيرات المحررات والأسرى المحررين من الأشبال بالقدس والضفة الغربية القائلة «حط السيف قبال السيف..إحنا رجال محمد ضيف»، صفعة على وجه من يريد أن يضعف وحدة الصف الفلسطيني، بل انَّ هذه الوحدة تجلَّت من خلال تأكيد الأسيرات المحررات والأشبال المحررين في تصريحاتهم لوسائل الإعلام كافة أنَّ فرحتهم منقوصة سيما وأنَّ تحريرهم كان باهظ الثمن..كان ثمنه دماء شهداء غزة، مشددين في تصريحاتهم على أكثر من منصة إعلامية أنَّ تحريرهم وعودتهم لأحضان ذويهم يعود فضله بعد الله لفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، معتبرين أنَّ هذه «الصفقة» ضرجت بدماء الشهداء الغزيين، التي كانت ضمن أولويات شروط قبول المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة للهدنة المؤقتة، لذا رأى الأسرى المحررون أنَّ مشاعرهم مختلطة بين فرحة العودة للأهل والأحباب وبين غصة تنتصف حناجرهم لما كان ثمناً لتنفسهم الحرية من جديد، مرسلين برسائل تأييد ومناصرة بل وفخر بالمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، مؤكدين أنَّ ما قاموا به يعد انتصارا عزيزا، مستشهدين على ذلك بالقمع والتنكيل الذي تضاعفت وتيرته عليهم كأسيرات وأسرى بعد السابع من أكتوبر، فهذا دليل على أنَّ المقاومة نجحت في مساعيها، حتى وإن رأى العدو الصهيوني أنه المنتصر في حال اعتبر أنَّ استهداف المدنيين والمنشآت الصحية ودور العبادة انتصاراً، ولابد الإشارة إلى أنَّ ما يعد حقيقة لوحدة الصف الفلسطينية هي الأعلام التي رفعت خلال استقبال الأسيرات والأسرى فكان العلم الفلسطيني يرافقه أعلام الفصائل الفلسطينية كافة دون تحييد لأيِّ منها، صفعة أخرى على وجه المحتل الصهيوني الذي لا يُفرط في أي ثانية يرى فيها فرصة لخدمة أجندته الدعائية الرامية إلى إحداث فُرقة بين أبناء الشعب الواحد للحصول على مبتغاه، متناسياً بحماقته المعهودة أن الشهداء والأسرى هم أبناء فلسطين الأبية. ختـــــاما إنَّ المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، ورجالها البواسل لازالوا يسطِّرون في كتاب المروءة ملاحم، فبين مشهد تحرير الأسرى من الجانب الإسرائيلي المليء بالاشتراطات القمعية والتعهدات بحبس ذويهم في حال أظهروا مظاهر الفرح خاصة للأسرى المحررين من القدس، وتحرير الأسرى من قبل كتائب عز الدين القسام-الجناح العسكري لـ «حماس»- بون شاسع، فهذه المفارقة وثقتها وسائل الإعلام التي رصدت أسيرة مسنة وهي تُلوِّح بيدها لرجال المقاومة مع ابتسامة تشي للعالم حسن المعاملة التي تلقتها خلال أسرها، قبل مغادرة سيارة الصليب الأحمر الأراضي الفلسطينية تمهيدا لتسليمها وأسرى آخرين للجانب الإسرائيلي.