19 سبتمبر 2025
تسجيلألاحظ منذ فترة شعورا يتعاظم يوما بعد آخر ينحو باتجاه العزلة في مجتمعنا القطري، أسبابه عديدة، منها الشعور بضغط الكثافة السكانية المتعاظمة من الوافدين والعمال وغيرهم، بالإضافة الى تخطيط التنمية المتسارعة التي أتت على الشوارع بل على المناطق إما بالاقتطاع الجزئي أو بالازالة الكاملة، ناهيك عن خطط الدولة الاسكانية السابقة التي وضعت على أساس قبلي، وليس على أساس وطني. أخشى إذا تكرست العزلة بهذا الشكل بالنسبة لأهل قطر أن ينتج عنها شعور بالطهر والنقاء الاجتماعي والتاريخي وإفرازاته النفسية والاجتماعية السيئة. والجدير بالذكر أن بعض سياسات الدولة والصحافة ومؤسسات المجتمع الأخرى تساعد على ذلك ربما دون إدراك منا لذلك من خلال إقامة مهرجانات ومسابقات أهل قطر برا وبحرا، وبمجرد إضافة صفة أهل قطر للنشاط أو للثقافة أو للمسابقة فأنت تضفي شعورا بالتمايز والنقاء والعزلة «مسقبلا»، في حين أن سياسة الدولة السكانية تحكي قصة أخرى وستظهر لاحقا مشاكل اندماج بلا شك، لذلك قد نلحظ إصرارا واضحا لدى قطاع كبير من المواطنين على التذكير دائما بأنه قطري. العزلة الشعورية تخلق وطنا داخل الوطن خاصة في ظل غياب طبقة وسطى او تلاشيها عما كان في السابق، وكذلك في سرعة ايقاع تطور التقنية الذي يقابله بطء واضح في تطور القيم الاجتماعية المعنوية، لذلك ما أراه وأعتقده حلا لخروج المجتمع القطري من حالة العزلة الشعورية القادمة له نتيجه شعوره بإحساس الأقلية هو في تحويله الى طبقة وسطى من خلال سياسة حكومية اجتماعية مدروسة حتى يحافظ على قيمه وثقافته ويجتاز مرحلة الخوف المسيطر عليه، لأنه في عداد الطبقة الآن حجما وعددا. فالطبقة الوسطى حامل قوي لكل مجتمع، يمكن بالتالي تحديد معايير هذه الطبقة وشكلها وحدودها العليا والسفلى بشكل لا يجعلها في مهب الريح وهي ترى التزايد السكاني يصلها حتى أبواب المنازل وفي الطرقات. فكرة الوطن البديل اعتنقتها جماعات داخل كثير من الأوطان لأسباب إما سياسية أو دينية أو طائفية ولكن لم أعرف مجتمعا قامت فيه لأسباب تنموية الا إذا كانت هذه التنمية متطرفة أو غير متوازنة أو ليست بعيدة النظر بحيث تجعل من المستقبل يبدو جحيما، في حين أن في نيتها أن تحيله نعيما مقيما. هاجس المجتمع البديل هو انزياح وعدم شعور بالدفء وأنت في حضن الوطن ولا بالأمان وأنت بين جنباته. [email protected]