23 سبتمبر 2025

تسجيل

التقارب مع العدو .. ومقاطعة الشقيق

26 نوفمبر 2017

الكثير استنكر عرض صور نُشرت خلال منصات التواصل المجتمعي للمدوّن الإسرائيلي الشهير " بن تزيون " في موقع " ذاتايمز أوف إسرائيل " وهو يرتدي لباساً تقليدياً سعودياً، في المدينة المنورة بين أروقة الحرم النبوي، على حسابه، مع رجل سعودي، فإن كان ما نُشر غير صحيح أو انها صور مفبركة، فتلك مصيبة، لأن ذلك يدخل في باب الكذب، أما اذا كان واقعا ومتعمّداً لإثارة مشاعر المسلمين، فالمصيبة أكبر لعدم جواز غير المسلم الدخول الى الحرم النبوي الطاهر، تأكيدا لقوله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ " .. تلك الصور لمست مشاعر المسلمين، وأثارت حفيظتهم الإيمانية، حيث امتزجت بالصور المؤلمة التي تبثها القنوات الفضائية للممارسات الصهيونية في القدس المحتلة وتقشعر منها الأبدان وتتقطع من هولها القلوب، ناهيك عن الهدم والدّك للمنازل فوق رؤوس أهلها، هؤلاء هم اليهود الذين ذكرهم الله في كتابه بقوله: " وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ". هؤلاء هم اليهود الذين فتحت لهم بعض الدول العربية أحضانها، بهدف التطبيع واتسعت مع بداية الحصار الجائر الفاشل على دولة قطر علناً، ليصبح العدو الاسرائيلي في عرفهم. المجتمعي الأخ والشقيق، وكأن الحصار أصبح منفذاً للدخول من قنواته الى تعميق العلاقة مع الكيان الصهيوني الذي ساهم معها في دعم المؤتمرات والندوات المشبوهة في أوروبا والولايات المتحدة لتشويه صورة قطر، كل ذلك لا يهم، فقطر أثبتت سيادتها وبكل قوة وثقة، واستطاعت أن تدّك حصون المطالب التي فرضت عليها بعزيمة وإرادة أميرها وشعبها ورفضها الارهاب والتعامل مع عناصره، وليس أدل على ذلك مشاركتها في مؤتمرات مكافحة الارهاب باعتبارها عضوا دولياّ فعّالا، وكل المطالب والمؤتمرات والندوات والأباطيل الاعلامية والذباب الإلكتروني التي هُيّئت وسُخّرت وبأموالٍ مدفوعة ضد قطر وأميرها ذهبت ادراج الرياح لتثبت أن دولة الباطل ساعة وأن دولة الحق حتى قيام الساعة.  ..ما يهمنا الآن العلاقة الحميمية الدافئة لدول الحصار مع الاحتلال الصهيوني، والتي معها انصهر الاهتمام العربي بالقدس الشريف، مهبط الوحي ومسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتبعثرت كلمات القدس لنا والأرض لنا والقدس مدينة السلام، وسط العاصفة الهوجاء التي تقودها دول الحصار والتي أكدت مع الأحداث الأخيرة بأنها على استعداد للتضحية مقابل استكمال ملف التطبيع، مع العدو الاسرائيلي، ويؤكد ذلك سلسلة الاعتقالات والسجن، والتي طالت الكثير من الدعاة والمعارضين،في دول الحصار أبرزها في المملكة العربية السعودية ومصر. قطر اتهمت بالإرهاب، والصهيونية الشقيقة والحليفة لدول الحصار أكبر دولة ارهابية تُمارس الارهاب بشتى صوره، ما يحدث في القدس من انتهاكات واعتقالات واغتيالات شملت حتى الأطفال هو نموذج، امتداد المستوطنات اليهودية واتساعها على الاراضي الفلسطينية، واجبار أهلها الأصليين على النزوح هو نموذج آخر، إذن، ما الذي جرى حتى انحرفت القلوب العربية عن مسارها فجأة، وماتت الضمائر العربية في وحل التطبيع، وتمازجت المشاعر العربية بالمشاعر الصهيونية، ومدت جسور الهرولة العربية، وصلت بعضها ومؤسساتها أو أشخاصها بتنفيذ مشاريع تعاونية ومبادلات تجارية واقتصادية مع نظرائهم الإسرائيليين. وكيف غاب عن المسئولين في المملكة العربية السعودية الموكّلين بالإئتمان على حماية المسجد النبوي والحفاظ عليه من التدنيس قول الرسول صلى الله عليه وسلم: " لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلاّ مسلما " عذرا يا رسول الله اليوم حرمك النبوي المقدس يتلوث بأقدام اليهودي النجس علناً وافتخارا، دون استهجان واستنكار ومنع من المسئولين والعلماء في المملكة العربية السعودية باعتبار ما حدث على أرضها يدخل في مسئوليتهم لانهم الموكلون أولاً بالدفاع عنه ومنع تدنيسه، ومسئولية العالم الاسلامي باعتباره قيمة إيمانية مقدسة، ومن الثوابت الدينية التي يجب احترامها والدفاع عنها من التلويث والتدنيس. اليوم قدّمنا الجزيرة العربية بأكملها الى أعداء الدين على طبق من ذهب، بفضل هرولة البعض من ساساتها وخدمة المصالح المشتركة. ها هو السفير السعودي الإماراتي " العتيبة " أشار الى مدى توافق وجهات النظر التي تجمع بين الامارات وإسرائيل فيما يتعلق بالتشكيك بإيران " كما ذكرت صحيفة " هافينغتون بوست " مع الأخذ في الاعتبار أن ما يجري الآن من هرولة نحو التطبيع  كانت رغبة إسرائيلية منذ عقود،وهي الورقة الوحيدة بيد العرب وهنا للأسف قدّم الذين يسعون للتطبيع مع اسرائيل العربة على الحصان، وتناسوا قوله تعالى: " لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ) المائدة. .. ولو عدنا للوراء قليلا لنرى الاستنكار العربي والإسلامي حين تعقد صفقات اقتصادية وتجارية مع بعض الدول ومنها الدول الخليجية، وحين تحدث اللقاءات والمقابلات مع عناصر يهودية سرا أو علنا وحين فتحت بعضها مكاتب تجارية اسرائيلية واتهمت تلك الدول بهرولتها نحو التطبيع، بينما في الوقت. الحالي نرى السعي للتطبيع يأخذ طابعا متسارعا والأكثر من ذلك نرى من يتباهى، بذلك بعدما تحولت بوصلة العداء من اسرائيل الى ايران دون استنكار، اللهم إلا ما ندر من الاستنكار الشعبي في بعض الدول العربية، في الوقت الذي تُحاصر فيه دولة قطر بحجج واهية ويُمنع مواطنوها ومقيموها من زيارة الاراضي المقدسة، لأداء الحج. والعمرة، لكنها مفارقات الحياة وتناقضاتها، وتغليب المصالح المشتركة المادية والدنيوية على احترام الشعوب واحترام المقدسات الدينية.