28 أكتوبر 2025

تسجيل

الموهبة من مذكرات ابنتي

26 نوفمبر 2014

«الموهبة أرخص من ملح الطعام.. لكن ما يفرق الموهوب عن الموهوب الناجح هو الكثير من العمل الشاق».. قائل هذه العبارة ستيفن كينغ أحد أشهر كتاب الرواية الأمريكيين اليوم، وأحد أكثرهم مبيعاً، حيث بلغ مجموع ما بيع من كتبه أكثر من 350 مليون نسخة بمختلف لغات العالم، أي ما يقرب من عدد سكان العالم العربي بأسره. اعجبتني مفردة "الموهبة" كوني اقتبستها من مذكرات ابنتي الروائية الواعدة التي خطت لنفسها منذ نعومة اظفارها منهجا علميا ابداعيا نالت في نهجها درجة الدكتوراه، ولانها احدى الموهوبات بكتابة الرواية فهي تعمل بصمت وترى ان كتاباتها حتما سترى النور ان عاجلا أو آجلا، ولانها تضع هذا الكاتب العظيم قدوة لها، كون حياته بدأت من الصفر حتى اصبح اكبر كاتب روائي في العالم يشار اليه بالبنان في المكتبات والمحافل السينمائية العالمية. وهي في هذا الصدد لها رؤيتها في معنى الموهبة معتمدة على مقولة ستيفن كينغ الخالدة "الموهبة ليست الأساس" فتذكر في مذكراتها "كم من الأطفال والشباب بل من عموم الناس من حولنا امتلكوا مواهب فذة! كم من طفل رأيناه يرسم بشكل جميل ومميز! وكم من شخص رأيناه يلعب الكرة بأسلوب بارع ومدهش! وكم من شخص رأيناه يمتلك مواهب أخرى في مجالات أخرى! بالنسبة إلي، رأيت الكثير من هؤلاء، لكن كم من هؤلاء كبر ونضج وكبرت معه موهبته ونضجت فتحولت إلى نجاح وتميز بعد ذلك؟ القليل بل القليل جدا. إذن فالمسألة لا ترتبط بالموهبة إنما بمقدار العمل على تطوير هذه الموهبة ورعايتها لتحويلها إلى ثمرة حقيقية وناتج مؤثر". ما اعجبني في رؤيتها عن الموهبة ذلك الاسقاط على مواهب هشة من المبدعين من مشاهير"السخرية" في شبكات التواصل الاجتماعي، وتقول انني أسميهم كذلك لأنهم في الحقيقة ليسوا أكثر من مهرجين ساخرين، هم أشخاص لا يفقهون أصول النقد الموضوعي بل لا يملكونه، ذلك لأنه مهارة فكرية عالية يعجزون عنها لقلة حصيلتهم المعرفية وربما إمكاناتهم التفكيرية. تقول "يشيع بين هؤلاء أن يسخروا من أصحاب المواهب وخصوصا أصحاب المواهب المتعددة، والتشكيك والاستهزاء بهم وبقدراتهم. وهذا المسلك عليل لأكثر من سبب، أولا لأن أسلوبهم تجريحي خارج عن الأدب كما ذكرت وليس من الموضوعية في شيء، ايضا لأن المواهب منتشرة ومتاحة للجميع كما بينت، ووجودها عند شخص ما ليس بالأمر الخارق، بل إن تعدد المواهب أصلا ليس بشيء صعب ولا استثنائي، والمحك العمل الشاق المصاحب لتنمية وتطوير هذه المواهب ورعايتها". كثير من "مهرجي السخرية" على شبكات التواصل الاجتماعي قد شطحوا بعيدا عن مسار الأدب والذوق في سخريتهم من الآخرين، بل وصلت الحال ببعضهم لأن يوجه اللوم لمن لا يقبل بسخريته لأنه لا يمتلك روحا رياضية ويضيق صدره بالنقد، وهو نفسه أبعد ما يكون عن أصول النقد بل الأدب! الموهبة ليست الأساس بل العمل على تطويرها.. وسلامتكم.