15 سبتمبر 2025

تسجيل

مستقبل الأجيال العربية في مهب الخلافات السياسية

26 أكتوبر 2017

في تاريخ الرواية العربية للخلافات والنزاعات يبقى كليب وجساس بطلي قصة الدم والثأر والبلاء والجلاء فيما حدث على أرض جزيرة العرب، فأهرقت الدماء البريئة في سبيل الشيطان وتحت شعار "اغسل دمك بدم أخيك"، وبعد ما يقرب من ألفي عام لا تزال العقلية العربية هي ذات العقلية المتمنطقة بنزعة الثأر والدموية في تصفية الخلافات، وحتى الإسلام الذي جاء بين ظهرانيهم لم يردعهم عن أكبر وأمقت عادة حاربها الإسلام وهي الثأرية واستسهال القتل وتجويع الناس، وهذا لا يزال قائما للأسف في بلادنا حتى بعد انغماسنا بالحضارة الغربية الجديدة التي استوردنا منها تكنولوجيا الأسلحة فقط .في الخليج العربي، وهو وريث الحضارة العربية القديمة، لا تزال القيّم العربية الأصيلة والعادات الحميدة متوارثة عبر الأجيال، ولكن يبدو أن الأجيال الجديدة ستصطلي بنار النزاعات والتفرقة التي تعمل عليها دوائر صنع السياسات العالمية في مكان ما في العالم الغربي، وهي ليست مرتبطة بالحكومات التي نعرفها هناك، بل هي منظمات عملاقة تتعامل بسرية وبخبث لرسم الخطوط العريضة لسياسات الدول العربية وتغيير منهج المجتمعات وإدارة الصراعات في هذه البقعة من العالم، فالعالم العربي خصوصا في الشرق الأوسط يعتبر قلب العالم، وفي خاصرته الكيان الإسرائيلي التي تعمل تلك المنظمات لإدامة بقائه قويا، وأقواها جماعة هولدبرغ وكوبنهاغن .ولكن لو استعرضنا التطورات الجديدة في عالمنا العربي على مستوى الدولة والحكومات سنرى أن "الكيان الصهيوني" لم يعد يسبب مشكلة لغالبية الحكومات العربية، بل أصبح جارا عاديا وشريكا في هذا الشرق الأوسط ، وأصبح الصراع العربي الإسرائيلي في طي التاريخ الأسود، والنزاع معه تحول إلى مشكلة داخلية ما بين الفلسطينيين وحكومات تل أبيب، ولهذا سنرى عما قريب كيف ستكون حكومة إسرائيل مستشارة لحل النزاعات العربية العربية، ومتخصصة بتقسيم بلادنا لغايات الفصل ما بين المتخاصمين، وحتى ذلك اليوم يتبقى لنا بضع سنين لننتهي من سفك ما تبقى من دماء وتدمير ما تبقى من بنية للدول العربية وتمزيق نسيج المجتمعات الممتدة، والتي فقدت حريتها في التفكير خارج صندوق الدولة والنظام.ألم يسأل العرب أنفسهم كيف أصبحوا بهذه الحال المزرية والمحزنة والداعية للسخرية والاحتقار جراء خلافهم وتخلفهم وهم أبناء الدم الواحد والتراب الواحد واللغة الواحدة والجزيرة الواحدة والخليج الواحد والعراق الواحد والشام الواحد ومصر الموحدة والمغرب الواحد، وهم مهد الأديان والحضارات وتاريخ البشرية؟ ولماذا لا يسلخ قادة الدول والمجتمعات الشباب جلود الذئاب عنهم ويلتحقوا بركب الحضارة الديمقراطية الشفافة التي تسعى لرفاه البشر وتوزيع الثروة لحماية هيكل الدولة؟ لقد نشأت الدول العربية مبكرا في العهد العثماني المتأخر وما بعده، مصر الباشوية وسوريا الهاشمية 1919 ثم الجمهورية 1925 والأردن 1921 والعراق 1922 والسعودية الحديثة 1932 وبقية الدول العربية وهي التي قامت قبل صناعة الدولة الإسرائيلية على أسس صهيونية عام1948 واغتصابها للأراضي العربية، بفضل الخلافات العربية من جهة وتوحد أفراد إسرائيل نساء ورجال وهم الذين جاؤوا مهاجرين غير شرعيين وغزاة متسللين يبحثون في التراب عن تاريخ ملفق. أما بلادنا فقد عادت ركاما سياسيا وحطاما اقتصاديا ومقابر شعبية، فيما إسرائيل تحكم عالم القرار وتتطاول في بناء حضارة عسكرية تخدم رفاه مجتمعها اللقيط والخليط غير المتجانس عرقيا أو لغويا أو فكريا، فهم جميعا على قلب حاخام واحد يسحرهم بروايات تاريخية كاذبة، أفلا يعقل أهل السياسة والتخطيط والقيادة في عالمنا العربي ليصنعوا مستقبلا أفضل لأجيالنا القادمة حيث سنكون قادة وشعوب حينئذ تحت التراب؟