27 أكتوبر 2025
تسجيلأنا من واكب أول انطلاقة تأسيس مجلس التعاون الخليجي في مايو 1982م، كنا نحتفي سنويا بلقاء زعماء المنطقة المؤسسين لهذا الكيان الوليد كل سنتين في عاصمة من العواصم الخليجية التي تفرش الارض وردا وتنهض بحفاوة الاستقبال الرائع التي تتنافس فيه كل دولة تستضيف القمة على ارضها، فتتألق مظاهر الفرحة بالتئام شمل الاسرة الخليجية، كنا فخورين بهذا الانجاز الذي اعتبرناه نموذجا متميزا فريدا ببنائه المتماسك، ونسيجه المتجانس، وعاداته المتماثلة، وتقاليده المتناغمة، كم كانت فرحة شعوبنا وهم يتابعون مراسم وصول القادة كل في طائرته الخاصة التي تحمل علم بلاده.كان الحلم يقودنا ونحن صادقون ان مجلس التعاون الخليجي هو أعظم منجز تاريخي يحققه قادة المجلس لأبنائه.. إلا ان ما يحدث الان هو شرخ مؤلم وأمر صادم لنا، جعلنا نضع ايدينا على قلوبنا اشفاقا على هذا الكيان الذي يتهالك امام ناظرينا بعد ان كان هو الاطار الجامع لوجودنا، والرمز العظيم لوحدتنا وقوتنا.مجلس التعاون هو شمعة الأمل في النفق العربي المظلم، وانهياره هو تصدع لآخر معاقل العمل العربي المشترك، ومن الغصة التي لم يستطع حكيم العرب سمو أمير الكويت كتمها قوله " إن التاريخ والأجيال لن تسامح من يقول كلمة واحدة تسهم في تأجيج الخلاف الخليجي.. فلنتق الله في أوطاننا ونسأل الله تعالى أن تهدأ النفوس لأن مجلس التعاون قلعة راسخة وراية عز وامان وازدهار.. يجب أن نكون على وعي كامل بمخاطر التصعيد بما يعنيه ذلك من تداعيات إقليمية ودولية تعود بالضرر على الخليج وشعوبه" صدقت يا أمير الانسانية.التمادي بتصعيد الأزمة التي خلقتها دول الحصار الاعضاء في مجلس التعاون على قطر يقود الى تساؤلات كبيرة أهمها عن مستقبل مجلس التعاون الخليجي بعد تفجر الازمة مع قطر وهو سؤال مصيري، وقضية كبرى يجب أن تكون مطروحة للنقاش التفصيلي العام على كل المستويات الرسمية وغير الرسمية في دول المجلس، والقضية العاجلة تتعلق بالقمة القادمة لمجلس التعاون الخليجي المقرر عقدها في الكويت في شهر ديسمبر المقبل، وهي واقعية يتوقف عليها استمرار هذا الكيان من عدمه،دعوات صادقة تعلو هذه الايام من حكماء ابناء دول الخليج العربية والمؤثرين في النسيج الاجتماعي العام تطالب بالتهدئة وكبح جماح التمادي في الحملات الإعلامية التي تهدد بتفكك مجلس التعاون الخليجي، والمتابع لمواقع التواصل الاجتماعي يجدها تعج بمنشورات تعكس خوف الخليجيين من تفكك المجلس من جراء هذه الأزمة، لانه في الاخير ان المواطن الخليجي هو من سيدفع ثمن خلاف حكوماته على قضايا خارجية، واستمرار الأزمة الخليجية بالوضع الحالي دون بوادر للحل ينذر بمستقبل غامض ينتظره المجلس.ما نلمسه من اتساع رقعة الخلاف الخليجي رغم كل دعوات ومحاولات علاجها يثيرنا نحن مواطني الخليج عن مستقبل مجلس التعاون الخليجي، وذلك بعد عقود من تأسيس المجلس وتماسكه بوجه كل ما مرت به المنطقة من توترات خارجية وداخلية، مجلس التعاون بدأ قويا ونريده كذلك اقوى وأكثر تأثيراً وتكوينا واداء بالنسبة لدول المنطقة وبالنسبة للعرب، وهو المطلوب ولا يمكن لاحد ان يشطب تاريخ وتجربة مجلس التعاون.والسؤال الذي يشغل الجميع هو: ما مصير القمة؟.. هل تنعقد أم لا؟.. وإذا عقدت ما الموقف من حضور قطر؟ افيدونا يرحمكم الله وسلامتكم