15 سبتمبر 2025

تسجيل

في ذلك العام كتبت

26 أكتوبر 2014

لا أنسى تلك اللحظات التي بدأت فيها كتابة أول مقال لي، ففي عام ٢٠١١ ولد قلمي.. فقد كان حينها مستلاً سيفه في الرد على أحد الحمقى، لم أتصور أنني ذات يوم سيكون لي عمود في الصحف أخبط به بعض الرؤوس، ليس دائماً بل في بعض الأحيان، وأحيان أخرى أجعل مشاعري تلتصق على ذلك العمود الذي غالباً ما يطول حجمه بقدر ثرثرتي... ظللت أكتب بإغراق.. لا يعوقني سوى عناد الحروف والكلمات التي يباغتها الغضب من بعض أفكاري، فتمنعني من الكتابة بما لا يليق بسطور دفتري، فقد جننت بغرقي في بحر الكتابة، بالرغم من ترددي في البداية، كنت قد اكتفيت بما يسمى بالقانون بحكم تخصصي الذي يُطبق على ثلة من البشر، والآخرون يدافع عنهم فيتامين واو بشراسة فيصمت هنا القانون. هناك من يسميني قاصة... ومنهم من قال إنني حكواتية... والبعض الآخر ينصحني بكتابة رواية، فعلاً أنا أحلم بكتابة رواية، عرفت بدايتها ولكن يصعب علي كتابة النهاية، أبوابها مغلقة، ولا يملك مفتاحها إلا بطل الحكاية، هناك يقطن أبناؤه وزوجته، ويتعايشون مع أدوارهم التي اخترتها لهم، فلنترك تلك الرواية عند هامش هذا المقال فهي ليست الحكاية، إنما هي حكاية الكتابة... أضع عند رأسي قلماً ودفتراً جلدياً، درأً لأن تهاجمني بعض الأفكار، فأفتح لها صفحة من صفحات الدفتر ككمين، فحينما تراودني فكرة ما أحبسها في إحدى تلك الصفحات، وبعض الأوقات أكتفي بكتابة شيء من الجمل والعبارات غير المكتملة على علب المناديل، فأعيد ترتيبها مع مرور الوقت لتصبح على شكل فقرة.. تجرعت الكثير من القراءة لروائيين غيروا طريقة تفكيري، وألهموني القدرة على إعادة ترتيب كتاباتي، تارةً تباغتني أحلام مستغانمي فتأسرني في رواية الأسود يليق بكِ، وتارةً أخرى أضيع في ثنايا قصص يوسف المحيميد وأنا أتطلع إلى تلك الأشجار المصورة على غلاف كتابه الموسوم بـ "الأشجار لم تعد تسمعني"، أو أصبح كساق البامبو وهو يحتل جزءا في مكان ما في الفلبين، فأرى بطل الرواية كما صورّه سعود السنعوسي، بعدها تجتثني بثينة العيسى من ذلك المكان فتبكيني على عائشة وهي ترحل إلى العالم السفلي، فتجبرني على إدمان حروفها إلى أن كبرت ونسيت أن أنسى أنني ذات يوم أدمنت رواياتها!. غررت بحروف كتبتها ذات يوم، أمضي أيامي ما بين الكتابة وثورانها المباغت وتذوق أنواع القهوة لتبقيني على قيد الكلمة، أمتلك الكثير من المشاعر الجيّاشة التي أرسمها على وريقات الصحف بطريقة مكتوبة، ولا أنكر أن هناك بعضاً من حروفي تمتلك أسلحة مدمرة عندما يقع أحدهم تحت وطأة الظلم، تعود بي الذكريات إلى ثلة من الأعداء يُثيرون الضحك حينما يغضبهم ما أكتبه، فيشتكون لأحد كبار القوم... ويمارسون شتى أنواع "العيارة المُتعيّرة"، خاصةً آكلي لحوم البشر وبدل العمل الإضافي فينادون بإيقافي عن الكتابة، ويثبتون للكبير مدى استيائهم مما أكتب، يتم توجيه السؤال لي من قبله، ويتحاور معي بإغراق، فيُسدي لي النصح وبعدها أخرج من المكان والكلمات تنتظرني عند الباب: "بشري؟!" "لا ولاشي... الأمور طيبة إن شاء الله"... ثم أعود إلى منزلي لأفكر فيما سأكتبه، فأسعد الكثيرين، وأغضب البعض! كنت أكتفي بما أنثره في الصحف، إلى أن أصبحت لدي كتب تحمل اسمي، فأدركت أن حياتي قد تغيّرت، وآمنت أن الكتاب هو خير صديق وخير جليس... والأهم من ذلك أنه لا يهمني غضب البعض طالما أنني أسير على الطريق الصحيح...