14 سبتمبر 2025

تسجيل

مفكر من عالم آخر

20 مارس 2016

لقد بات طرح الفكرة مختلفا في عصرنا الحالي بعد أن كان عموداً ثابتاً على الورق، فكانت إحدانا تخشى عليه من الاختفاء، ولم يكن القارئ ملولا كما الآن يبحث عن تغريدة مسجونة في مربع صغير تُحيطها “بيكسلات“ الشاشة التي أصبحت مصدراً لأخبار المساء، أو ربما أستطيع أن أشبهّها بالمنبر الحُر، ولا نختلف بأن لذلك سلبيات وإيجابيات، ولكنه حقاً عالم رائع تستطيع من خلاله كتابة ما تريد بلا هوادة، يحدث معي ذلك حينما أسترسل في حديثي من خلال مدونتي الالكترونية، فكتابة المقالات أمر جميل، ولكن طريقة النشر بالأسلوب الالكتروني لها مذاق خاص، ربما يختلف معي مؤيدو النشر الورقي- رائحة الورق لها مذاق أجمل- الخ الخ، صحيح ولكن سرعة وصول المعلومة لها دور أكبر، خاصةً مع توافر برامج التواصل الاجتماعي المختلفة.هذا العصر سيُخرج لنا جيلاً واعياً أتعلمون لماذا؟ لأن هناك العديد ممن عرفتهم وآخرين كُثر لديهم نوازع فكرية وأدبية ولكن تواجههم بعض العوائق التي تحُول دون تحقيق الحلم الذي زُرعت به أجنحة بيضاء فطار في الأفق على سبيل المثال لا الحصر رفض بعض دور النشر طباعة إحدى الكتب لأي سبب كان، وربما يُطبع ذلك الكتاب ويحصل سوء توزيع أو يفشل …أو يُمنع … أو.. أو … أو، هل قلت يُمنع؟ لو مُنع الكتاب فهنا الكاتب وقف على أول سلّم يؤدي إلى نجاح كتابه، فعلى الأقل سيُحقق أرباحاً، وليست هذه هي القضية، بل القضية أن لدى بعض الشباب طاقة إبداعية مكبوتة تكاد تنفجر لدرجة أن الشباب قد كره شبابه، وعندما ظهرت برامج التواصل الاجتماعي كـ تويتر وفيس بوك لاحظت أن ذلك الإبداع قد نبت بصورة تغريدة أو “بوست“ فأصبح مشروع شجرة تحتاج إلى سُقيا فتتساقط شعراً .. مقالاً.. نصوصاً .. قصة قصيرة.....، فبالرغم من بعض السلبيات الأخرى مثل أن الجميع بات سياسياً (إلا أنا فلا شأن لي بالسياسة ولا شأن لها بي) خلاصة القول أن في عصرنا الحالي نجد مفكرين جددا أخرجتهم شاشة الكمبيوتر والهاتف الذكي!لقد بتنا اليوم نعيش ما بين مفكرين يحملون العلم والثقافة ممزوجا بالأدب والأخلاق والحكمة، وما بين أنصاف المثقفين الذين يرقصون “ الزومبا “ على جراح الآخرين ويسيل لعابهم حينما يجدون معلومة فيحرصون كل الحرص على نشرها فيتضح في نهاية الأمر أنها “معلومة مضروبة“ أو أنها مُستندة على كلام مُرسل لا يتطابق مع الحقيقة، هؤلاء يحنفون زيفاً وبهتاناً، دور المفكر ليس انتقاد الآخر بطريقة تتجاوز الحد الأخلاقي الفاصل، إنما دوره هو نهضة الأمة التي باتت “ لا تقرأ “ وتحتاج إلى تغيير “ الهارد وير “ و“ السوفت وير “ بالنسبة للقراءة.خمس دقائق على الأقل لو خصصها الفرد من يومه لتصفح كتاب الكتروني أو غيره ستزيد لديه المعرفة، ولا معرفة بلا قراءة، ربما يقول لي أحدهم “ بأنه تكفي الخبرة “، كلا فلا تستغني الخبرة عن المعرفة والعكس صحيح.تنمية المهارات بالمعرفة والعلم والخبرة تخلق منك شجرة ولكنها تحتاج إلى من يسقيها جيداً ويربت على جذورها ويعتني بأوراقها جيداً، لا أن تُترك تذبل بإهمالك أو بإهمال الآخرين الذين هم يستطيعون نشر إبداعك، لا كبتها غيرةً … أو التقليل من شأنها عمداً!