28 أكتوبر 2025

تسجيل

العبرة من وصايا العرب للمعلمين

26 أكتوبر 2014

من أجمل تراث الأدب العربي وصايا العرب للمعلمين وهي ما يمكن تسميته التوصيات التي يقولها الأب لمعلم ابنائه وهو يسلمهم اليه ليعلمهم.. وقد عاصر جيلنا تلك المفاهيم والقيم التي جبل آباؤنا عليها منذ القدم وهم ينهلون تلك المبادئ من كتاب الله وسنة رسوله ومن آثار العلماء والائمة والمعلمين الذين يتفقون على تسليم ابنائهم بكل ثقة حيث يتسلم الاستاذ الطالب وهو موصى عليه من ولي امره وهو يحثه بتكرار مقولتهم الشهيرة "لك اللحم ولنا العظم" فالمعلمون لا يرحمون طفلا تقاعس عن واجباته او دروسه. تحدوني الرغبة اليوم أن ابتعد عن الموضوعات الشائكة والقضايا المثيرة للجدل في ما يخص أمور مجتمعنا الذي نتناول غالباً الأمور السلبية لتقويمها واصلاحها حسب اجتهادنا، نتجه اليوم إلى أقدس مهنة وهي التعليم وليس همنا فيه الا استقاء العبر بما يخص التعليم والمعلمين الذي ناله ما ناله من القدح والانتقاد، نحن الآن كبرنا وربينا اجيالا مختلفين عن تربيتنا السابقة، اسسناهم على حب الاقبال على العلم حتى جاء الجيل الحالي بتعليم مختلف بالطبع عن ايامنا، فالتعليم اليوم يؤدي في الظاهر دوره في تلقين العلوم، الا انه يفتقر للتربية التي كان الطالب ايامها يهاب المعلم ويحسب الف حساب عند الغياب او التقصير. اعتنى كثير من العرب والمسلمين بتربية أبنائهم تربية صالحة ومن طرق هذه العناية جلب المعلمين لهم من أجل تأديبهم وتعليمهم ما ينفعهم وقد حفلت كتب التراث بالعديد من الوصايا والدرر المقدمة من الآباء لمعلمي أبنائهم نقتطف شيئاً منها.. هناك وصايا قيمة تركها الافاضل علماء الامس لنا، وتعلمنا من تلك الوصايا دروسا رائعة في التربية.. نحن نرى ان "عبد المللك بن مروان" يعلي من قيمة الصدق حتى يضاهيه بحفظ القرآن، ونرى انه يرفض ان يقوم الخدم بصحبة الابناء لانهم يفسدونهم.. وهو يطلب من المعلم اذا ادب الاولاد ان يؤدبهم بعيدا عن العيون فقد يلجأ المعلم للضرب مثلا.. وشرط بعدهم عن العيون ألا يراهم أحد فيغض من شأنهم. ونحن نرى ذكاء "الحجاج" وهو يطالب بأن يعلم الطلبة السباحة قبل الكتابة لأن الانسان يسبح وحده ولا يقوم احد عنه بالسباحة، اما الكتابة فيمكن ان يجد من يكتب عنه..ونحن نجد في وصية "هارون الرشيد" ما نراه اليوم من ازدحام المناهج بحيث يصيب التلاميذ بالاضطراب.. وما تزال دروس الماضي الذكية صالحة لليوم والغد. كثرة كتب التاريخ التي تعج بالوصايا في علوم التعليم من علماء لهم آثارهم الطيبة على النشء، نختتم بوصية عمرو بن عُتبة الذي اوصى لمعلِّم ولده فيقول "ليكُن أول إصلاحك لولدي إصلاحك لنفسك، فإن عيونهم معقودة بعينك، فالحسن عندهم ما صنعت، والقبيح عندهم ما تركت.. علمهم كتاب الله ولا تكرههم، وعلمهم سنن الحكماء، وجنبهم محادثة النساء، ولا تتكل على عذر مني لك، فقد اتكلتُ على كفاية منك، ليت شعري ان تصل تلك الرسائل الى مؤديها.. هذا ما لزم وسلامتكم.