10 سبتمبر 2025

تسجيل

سمو الأمير يخاطب العالم من على منبر الأمم المتحدة

26 سبتمبر 2022

تابعت مثل غيري من المهتمين بما سيقوله قادة العالم في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ 77، التي تنعقد في مدينة نيويورك في مثل هذا الزمن من كل عام. اعتاد زعماء العالم أن يستعرض كل منهم حالة العالم السياسية والاقتصادية والأمنية وغير ذلك من المواضيع طبقاً لجدول أعمال الجمعية العامة الذي يعده الأمين العام للمنظمة الدولية، ومن ثم يعبر كل منهم عن موقف بلاده من تلك القضايا، الأمين العام استعرض الأزمات العالمية وما يجب على قادة العالم أن يتخذوا حيالها من تدابير بهدف حل تلك الأزمات، سواء السياسية منها أو التغيرات البيئية وما في حكمها. (2) توقفت طويلاً في متابعتي لخطاب سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في هذه الدورة الأممية، ورحت استدعي خطاباته السابقة في هذا المحفل السنوي، والحق أنه لم يكن تكراراً لخطاباته السابقة كغيره من الذين سبقوه في مخاطبة الجمعية العامة، كان خطابه في دورة الجمعية العامة 74 يتضمن أزمة المناخ وقضايا الشرق الأوسط بتفاصيلها، وفي الدورة 75 انشغل العالم بأزمة كورونا، وكذلك خطاب سمو الأمير، وفي الدورة الماضية 76 تناول نتائج مؤتمر العلا وطي صفحة الخلافات الخليجية الخليجية كما تناول قضية أفغانستان، والدور الذي قامت به دولة قطر سواء في إجلاء القوات الأمريكية وحلفائها عن أفغانستان بجهود دبلوماسية قطرية، وكذلك عمليات الإجلاء وعودة طالبان إلى السلطة. في هذه الدورة الـ 77 لم يستدع الأحداث التي مرت بها قطر خلال الأزمة الخليجية، وكيف تغلبت عليها، لقد جعل تلك الواقعة "خلف ظهورنا"، كما قال في تصريح سابق، لم يسهب في استعراض دور قطر في المحافل الدولية، والتي أصبحت "بيت الأمم المتحدة" في القارة الآسيوية بمعنى أنه أصبح لعدد من وكالات الأمم المتحدة ومنظماتها وجود دائم في العاصمة القطرية الدوحة، إنها بذلك تضاهي مكانة فينّا ونيروبي اللتين تستضيفان مقار للمنظمة الدولية. إن الخطاب لم يكن تقليدياً في نصه ومضامينه، والمشاهد يتابع سموه وهو يلقي خطابه أمام ممثلي قادة العالم في الجمعية العامة يظن أن سموه يضع خريطة العالم أمامه ويشرح آلام وآمال الإنسان في تحقيق السلم والأمن الدوليين وتحقيق العدل والمساواة بين الدول صغيرها وكبيرها، لقد أكد سموه في خطابه المشار إليه انتقاده الشديد لحسابات المصالح وموازين القوى التي ما برحت تتحكم في صياغة السياسة الدولية، كأني بسموه يقول إن سيادة معظم الدول قد انتهكت من قبل الدول الأقوى، وغاب الردع الدولي الفاعل أمام تمييع مفهوم السيادة ولإثبات حجته في ذلك راح يستدعي القضية الفلسطينية والأوكرانية وكيف يتعامل المجتمع الأوروبي، مجتمع الأقوياء مع هاتين القضيتين الثانية حظيت بالاهتمام والتأييد والدعم المادي والمعنوي وما يتعرض له الشعب الفلسطيني من عذاب يومي لا يحرك مشاعر الغرب ومؤسساته. (3) لقد أعلنت دولة قطر في أكثر من مناسبة ومن أكثر من منبر رفضها المطلق للتدخل في الشؤون الداخلية للدول، كما أنها ترفض العدوان على أي دولة تحت أي ذريعة كانت، إنها تدعو إلى الحوار البناء بين الأطراف المختلفة، في هذا الشأن، افتتح سموه خطابه في الجمعية العامة بالمسألة الفلسطينية وما يتعرض له الشعب الفلسطيني من قبل قوى الاحتلال الصهيوني منذ أكثر من سبعين عاماً رغم صدور آلاف من الإقرارات الأممية التي تؤكد حق الشعب الفلسطيني في العودة إلى أرضه وبناء دولته المستقلة على الأرض الفلسطينية وعاصمتها القدس، وقال: "لقد أصبح الاحتلال الاستيطاني يتخذ من سياسة فرض الأمر الواقع مما قد يغير قواعد الصراع وشكل التضامن العالمي مستقبلاً". وتناول الأزمة السورية موجهاً عتباً لكل الذين يسعون لطي صفحة مأساة الشعب السوري دون مقابل ويتجاهلون ما حل بهذا الشعب العربي من تشريد وتعذيب وهدم كرامة الإنسان، وقد شغلت القضية الليبية واليمنية والسودان والعراق ولبنان جل خطاب سموه، وقد نال البرنامج النووي الإيراني اهتمام سموه، وطالب الجميع بأخذ مخاوف الأطراف كافة في الاعتبار. كانت القضية الأفغانية قد شغلت حيزاً في اهتمام سموه، وناشد في خطابه جميع الأطراف الحفاظ على مخرجات اتفاق الدوحة للسلام والبناء عليه، وجدد الدعوة لحماية المدنيين واحترام حقوق الإنسان والمرأة وحق التعليم وإنجاز المصالحة الوطنية ونبه إلى خطورة محاولة البعض عزل أفغانستان وفرض عقوبات على حكومتها الوطنية، إن ذلك العمل يقود إلى عواقب لا تحمد عقباها. (4) أزعم أن سمو الشيخ تميم أمير دولة قطر هو الزعيم العربي الوحيد الذي يدرك مخاطر المحاصصة السياسية، وراح ينبه في خطابه أمام العالم إلى خطورة "المحاصصة" السياسية التي تجتاح وطننا العربي، وناشد كل القوى السياسية في مناطق النزاعات السياسية الطائفية والحزبية التخلي عن تبني نظام المحاصصة الحزبية أو الطائفية أو القبلية البغيض. إن المحاصصة الحزبية / الطائفية أو القبلية عندي لا تقل خطورة على الدول ومستقبل الأوطان من استخدام أسلحة الدمار الشامل في الحروب، فهل يدرك العقل العربي السياسي محنة المحاصصة السياسية وهي الشاهد القائم في اليمن والعراق ولبنان والسودان وما يجري في ليبيا ليس بعيداً؟. آخر القول: اختتم سموه خطابه أمام الجمعية العامة في دورتها الـ 77 بدعوة الجميع للاستمتاع بمشاهدة المحفل الكروي العالمي في الدوحة وليشهدوا النهضة الحضارية التي حققتها وتحققها بلادنا على الواقع الحياتي، فمرحباً بكم جميعاً في قطر.