18 سبتمبر 2025

تسجيل

نهاية القصة

26 سبتمبر 2021

بعد أقل من أسبوع من الآن سيتوجه الناخبون لدوائرهم الانتخابية للإدلاء بأصواتهم لاختيار من سيمثلهم في مجلس الشورى المنتخب والمنتظر، وهو يوم سيسطر بأحرف من نور في تاريخ دولتنا الحبيبة قطر كأول انتخابات تشريعية منذ فجر الاستقلال في عام 1971. واستشرافا لما قد يحدث بعد اعلان النتائج، أقدم لك عزيزي القارئ هذه القصة الخيالية والتي لا تمت للواقع بصلة. المشهد الأول: بوراشد وبوحمد ولفيف من الأقرباء، يجلسون في مجلسهم ويخططون "ويتكتكون" لرسم خطة وصول بوراشد لكرسي المجلس بعد أن أنفق بوراشد الكثير من الأموال على الإعلانات والدعايات والأفلام الترويجية لحملته، والتي أظهرت الجانب الإنساني والاجتماعي والوطني لابن الوطن المخلص الهمام، قال بوراشد " يابوحمد ياربك أكدت على جماعتك وذكرتهم انهم يصوتون لي، ترى الوعد بكره وعلى قولت القايل وصلت الحقلة البطان (مثل يقال عند وصول الأمر ذروته)، رد بوحمد بثقة "ابشر بسعدك مثل ماتفقنا جماعتي كلهم بيصوتون لك، وبلغتهم أنه هل المره بيتم تعيين واحد منا اللي هو أنا، واننا بندعمكم في الترشح، وفي الانتخابات الجاية ان الله أحينا (أي ان كنا من الاحياء) المرشح من عندنا والتعيين في جماعتك)، واستطرد بوحمد متسائلا وقائلا " بس انت متأكد من ان اللي فوق قالوا انهم بيعينوني ؟"، رد بوراشد "هاذي مافيها شكه (أي بدون أي شك) انا مكلمني فلان وقال لي انه كان في مجلس "بوفلان الفلاني" وسمع بأذنه أن "فلتان الفلتان" اجتمع مع "فليتان الفليتان" وقال له انهم كلموه، وانت تعرف ان فليتان قريب من الجماعة". بعد مناقشات طويلة اتفق الجميع على التوجه الى موقع لجنة الانتخابات التابعة لدائرتهم للتصويت حسب الاتفاق، وبالفعل في اليوم التالي توجه الجميع الى مقر الدائرة الانتخابية وأدلوا بأصواتهم في مظهر ديموقراطي جميل. المشهد الثاني: يدخل بوراشد مجلسه وقد التف حوله ابناؤه وبعض المقربين له، جلسوا جميعا في ترقب وانتظار لإعلان نتائج الانتخابات التي عملوا بجد وجهد في جمع اكبر عدد من الناخبين من خلال الزيارات وحب الخشوم والتودد والتقرب لأبناء الدائرة، جلس الجميع في ترقب وهدوء وصمت وكأن على رؤسهم الطير، لا تكاد تسمع الا رشفاتهم لفناجيل القهوة والشاي في أداء "أوركسترالي" كأنهم فرقة "فلهارموني" موسيقية تعزف سيمفونية بحيرة البجع لتشايكوفسكي. المشهد الثالث: بعد طول انتظار بدأت لجنة الانتخابات من خلال وسائل الاعلام إذاعة أسماء الفائزين والمعيَّنين في الدوائر الانتخابية، وحانت لحظة الحسم عندما اعلن المذيع بصوته الإعلامي المميز التالي "نتائج انتخابات الدائرة رقم 45، عدد الأصوات 10 الاف صوت، عدد المرشحين 15 مرشحا، وقد فاز في هذه الدائرة المرشح بوراشد وحصل على أربعة آلاف وستمائة وتسعة وعشرين صوتا، وتم تعيين بوسالم"، قفز بوراشد فرحاً وسرورا وأقبل الجميع لتهنئة بوراشد بهذا النصر العظيم المؤزر، وبدأ سيل من المكالمات الهاتفية تبارك وتهنئ سعادة عضو مجلس الشورى الجديد. المشهد الأخير: في خضم الافراح والاحتفالات جاء اتصال لبوراشد جعله يقوم مسرعا الى احد الغرف الجانبية من المجلس وأغلق على نفسه الباب، فلقد كان المتصل بوحمد الذي ساعده ودعمه وأقنع جماعته للتصويت له وكما يقال في المثل الشعبي "راحت السكره وجات الفكره" ادرك بوراشد بأن هذا الاتصال لن يمر بسلام. رد بوراشد بصوت فيه علامات التردد والهلع قائلا " يا مرحبا ومسهلا يا بوحمد" رد بوحمد وقد ملأ الغضب والحنق نبرات صوته قائلا "لا مرحبا ولا مسهلا، افاا والله عليك تقولي بيعينوني والف على جماعتي واقنعهم يعطونك أصواتهم وفي الأخير اللي تعين بوسالم، والله انك لعبت علينا يا بوراشد (أي خدعتنا)". عزيزي القارئ هذه القصة ليس لها نهاية وإنما انت الذي ستقرر نهايتها، فإن كانت احداثها خيالية فأرجو أن تطلق العنان لخيالك حتى يرسم لها النهاية التي ترى انها مناسبة لها، وإن كنت احسست أنها قريبة ولامست شيئا من الواقع، فإن الخيال بعض الاحيان يكون نتاج انعكاسات لما يحدث في واقعنا في جزء منه. وختاما أقول، لا شك بأن التحالفات والاتفاقات هو ديدن الانتخابات في كل انحاء العالم وعلى مختلف المستويات، ولكن عندما يكون الاتفاق من أجل المصالح الشخصية فقط دون النظر الى مصلحة الوطن والمواطن، فليس عجبا ان تصبح الخدعة والحيلة هي القاسم المشترك بين أطراف الاتفاق، فالغاية بالنسبة لهم تبرر الوسيلة. @drAliAlnaimi