10 سبتمبر 2025
تسجيلالخارج مولود والداخل مفقود، عبارة تتبادر الى ذهني كلما خرجت بسيارتي صباحاً من مدينة خليفة الجنوبية! التي أسكنها منذ سنين، وكلما عدت، بسبب التغيير الديموغرافي الذي نالها كما نال معظم المناطق السكنية في عاصمتنا الغالية. قدر جيلي ان نعيش طفولتنا في تلك المناطق، والتي للاسف الشديد طمس بعضها بالكامل وغابت كل الأماكن والملامح التي ما زالت تعيش في ذاكرة الأجيال من ابناء رميلة والبدع ووادي السيل وفريج بن عمران ومدينة خليفة، كما هو الحال في مناطق كثيره عَمرها القطريون بتواجدهم فيها مثل الريان وأم غويلينة والخليفات ولسلطة والمرقاب وفريج الغانم والجسرة ومشيرب والكثير الكثير من الأحياء والفرجان التى جار عليها التمدن و(التطور)، وطمس ملامحها وشتت اهلها الى مناطق جديدة خارج العاصمة قلب الدوحة، تاركين ما تبقى من منازلهم وذكريات ماضيهم ليسكنها الغرباء من المقيمين الباحثين عن الرزق في بلد الخير. شد معظم القطريين الرحال الى أطراف مدينة الدوحة، مثل ازغوى وما حولها ودحيل ودحل الحمام والعديد من المناطق الجديدة لبداية المشوار من جديد تاركين احلى ذكريات الطفولة وذكريات المراهقة والشباب للبعض. نعم هي سنة الحياة ولكن تسارع الأحداث يربك الحياة وها هو التاريخ يعيد نفسه بشكل اكثر تسارعا و(بتطوير) حديث للمناطق السكنية الحديثة!. وما يصاحب ذلك من حفريات واغلاقات لفترة زمنية طويلة وعمل بطيء جداً والمزيد من الشوارع التجارية المزدحمة في وسط المناطق السكنية حولت المساكن الشعبية الى عمارات سكنية متعددة الطوابق تصل في بعض المناطق الى سبعة ادوار جاعلة من تلك المناطق السكنية البسيطة مدن صغيرة شديدة الازدحام تراكم السيارات فيها امام الشقق شيء غير طبيعي وعشوائي. مرة اخرى يترك المواطن المناطق التي عمرها في السابق وحملت ذكريات الشباب والجزء الثاني من العمر يتركها للأعداد المتزايدة من المقيمين والتي قفزت بعدد السكان الى قرابة الثلاثة ملايين، القطريون نسبتهم قليلة!. تهافت البعض في استثمار هذا الوضع جعلهم يدفعون مبالغ كبيرة لأصحاب البيوت القديمة من اجل تحويل البيوت الى عمارات سكنية تحوي العديد من الشقق الضيقة، فهذا ما يطلبه السوق العقاري اليوم. والبعض من المقاولين يقوم بإزالة المساكن القديمة بشكل غير امن وبدائي يسبب الإزعاج والمخاطر لمن تبقى من السكان (الأصليين) لهذه المناطق من خلال قوانين بناء غير كافية لسلامة الساكن والمساكن!. أزف وقت الرحيل للمرة الثالتة بعد ان تركنا ذكريات الطفولة في رميلة، نترك ذكريات الشباب هنا في مدينة خليفة الجنوبية بشيء من تثاقل الخطى هذه المرة!. فلم يبق في العمر اكثر مما مضى والله اعلم بما تبقى. الى أين الرحيل القادم؟! ربما تكون العودة الى الشمال من جديد والاقتراب من مسقط الرأس في الغارية!. آخر الكلام.. عمّن ترحل سالي الدار يا عين استعلميها وانشدي يا حزينه قولي هلك يا دار منك غدوا وين من بك وقف ينشدك ما تخبرينه (الفيحاني) Alkuwarim @hotmail.com