16 سبتمبر 2025
تسجيللا يوجد في مجتمعاتنا العربية ما يسمى ليبرالي أو اشتراكي أو يميني أو يساري أو علماني بالمعنى الدقيق للكلمة؛ بالمعنى المنتج داخل سياقات المجتمع. استخدامنا لهذه المصطلحات استخداماً عشوائياً انطباعياً، مجرد شعارات نسلخها من عالم السياسة لنرتديها في عالم ما قبل السياسة؛ ومجتمعاتنا ليست مجتمعات سياسية في الأصل، هي مجتمعات إما قبلية أو طائفية أو دينية، في حين تلك المصطلحات تنشأ في سياقات سياسية معينة مثل الأحزاب والتكتلات. لننظر إلى الكويت مثلاً وهي مجتمع قبلي لديه تيارات سياسية يختلف بها عن سائر دول مجلس التعاون لها قدر من الحرية في الممارسة، ومع ذلك طبيعة المجتمع القبلية هي الغالبة واليوم أخذت الطائفية محل القبلية في إشعال المواقف وتبني التوجهات نظراً لما يدور في المنطقة عموماً من تأجيج للطائفية. لننظر إلى إيران أيضاً وفيها من التيارات المعتدلة والليبرالية إلا أنها تدور ضمن الإطار الديني لا السياسي. مصطلحات المجتمع المدني تلك لا يمكن تمريرها في مجتمعات أخرى غير مدنية. قد يكون الفرد يحمل فكراً ليبرالياً لكنه دون مجتمع مدني ينظم هذا الفكر سياسياً بحيث يصبح هناك برنامج واضح يستطيع الفرد أن يقبله أو أن يرفضه. لا يمكن الحديث عن ليبراليته أو علمانيته بدقة وسياقات المجتمع المدني تختلف عن سياقات المجتمع غير المدني سواء القبلي أو الطائفي أو الديني بشكل عام. من يحمل فكراً ليبرالياً داخل مجتمع ديني لا يمثل الليبرالية الإرادية لأنه رد فعل في الغالب، ومن يحمل فكراً علمانياً قد لا يعي ما تعني العلمانية بقدر ماهو حانق على استخدام السياسة للدين بشكل فاقع داخل مجتمعه. مفاهيمنا لا تتعدى طبيعة مجتمعاتنا المتخلفة، فنحن في حالة مثلى من الدقة والاتساق مع الذات حينما نتكلم عن مفاهيم – رافضي- ناصبي أو شيعي – سني، طائفياً وقبلياً – قبيلي – عجمي أو فارسي....الخ من مفاهيم أو مصطلحات مجتمعات ما قبل السياسة. بذلك نتخلص من صداع مزمن نمارسه دون وعي ولا إدراك، ويغطي على الحقيقة المعاشة ولا يساعد بالتالي على التطور فنعيش في خداع مستمر لأنفسنا. جميعنا حينما يسمع نداء القبيلة أو الطائفة ينسى ليبراليته أو يساريته أو علمانيته ويستجيب أوتوماتيكياً للنداء أو حتى الدولة؛ كما ظهر ذلك واضحاً في أزمة الحصار حين أراد البعض للقبيلة أن تحل محل الدولة. [email protected]