12 سبتمبر 2025

تسجيل

ما هكذا الأُخُوَّة !

26 سبتمبر 2018

ما كشفَ عنه (ستيف بانون) كبير مستشاري الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) للشؤون الاستراتجية سابقًا، عن أن "خطة احتلال قطر كانت جاهزة قبيل بدء الأزمة الخليجية، وتحديدًا خلال القمة الإسلامية/ الأمريكية التي عُقدت في الرياض في مايو2017". و"أنه اطلعَ على الخطة التي دبّرتها الإمارات ومصر والسعودية ضد دولة قطر". وقال: "كان يُنظر إلى القمة الإسلامية في الرياض على أنها فرصة للاستيلاء على قطر، عوضًا عن حل الأزمة". هكذا كانت المؤامرات تُحاك ضد دولة قطر، وكأننا نعيش في غابة، ودونما إدراك لشأن الشعوب في قضية ابتلاع دولة ذات سيادة، وعضو في الأمم المتحدة والجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي، وشعبها شقيق لكل تلك الدول التي مارست حصارا على دولة قطر منذ يونيو 2017، وكذلك القيام بدور استخباراتي منبوذ ومُدان عبر اختراق وكالة الأنباء القطرية، وبث تصريحات كاذبة منسوبة إلى حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، والتي لم تقع أبدًا. ولقد كان حضرة صاحب السمو يحضر تلك الاجتماعات في الرياض بقلب سليم، ونيّة صادقة لدعم الدول الشقيقة والإسلامية، ويشهد الرئيس الأمريكي نفسه في الرياض بأن دولة قطر لها دور مؤثر في مكافحة الإرهاب، وهي إحدى التهم التي ساقتها دول الحصار فيما بعد لتبرير حصارها لدولة قطر. إن الدعاوى التي روجتها دول الحصار ليس لها أساس من الصحة، سواء ما تعلق بدعم قطر للإرهاب، أو تدعيم العلاقات مع إيران، والتي تربطها علاقات اقتصادية وثيقة مع دولة الإمارات العربية المتحدة، ويفوق ميزانها التجاري مع (دبي) أمثاله في بقية دول التعاون، ومنها دولة قطر. إن النزعة الشيطانية لدى بعض الدول تتجاهل علاقات النسب والأخوة والمصير المشترك، الذي طالما تغنى به الشباب الخليجي منذ عام 1981 عندما أُنشئ مجلس التعاون. كما أن تلك النزعة تجاوزت النظام الأساسي لمجلس التعاون، وكافة المواثيق الإقليمية والدولية، التي تُحرّم اللجوء إلى التخطيط العسكري والحصار الاقتصادي ضد الشعوب المسالمة المحبة للسلام. وللأسف، لم تدن شعوب دول الحصار ومفكروها ذاك الاعتداء السافر على أهليهم وأبناء عمومتهم وخؤولتهم في دولة قطر! ومنهم من أُسْكتَ بقوانين صارمة عُرفت (بقوانين التعاطف مع دولة قطر)، لدرجة أن تقطَّعت أواصر العائلات المشتركة، ووصل الأمر إلى حرمان أهل قطر والمسلمين فيها من أداء الحج والعُمرة، وهو أمر كان لابد أن تَستنكره المؤسسات والمنظمات الإسلامية، ومنها منظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية، بل ويستنكره علماءُ السعودية الذين يجاهرون بنُصرة الدين الإسلامي وحقوق المسلمين في كافة أرجاء المعمورة. ولم تعرف شعوب الخليج كيف كانت النية مبيتة لاحتلال دولة قطر، إلا عندما أشار سمو الشيخ صباح الأحمد أمير دولة الكويت الشقيقة – خلال مؤتمره الصحفي مع الرئيس الأمريكي في البيت الأبيض – وألمح إلى أنه "تم تجاوز الخيار العسكري لحل الأزمة". وكان الأمر صدمة كبرى لدى شعوب الخليج الصامتة، التي لم تتعود على مثل هذه المؤامرات من الأشقاء، خصوصا بين دول مجلس التعاون، الذي يُمثل جبهة متماسكة، تاريخيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، ضد كافة أشكال الاعتداءات ضد الآخر، فكيف هو الحال مع الشقيق المؤسس لذلك المجلس؟. صحيح إن دولة قطر اختطَّت سياسة استقلالية أملتها عليها سيادتها على قرارها السياسي منذ منتصف التسعينيات، ولم تعد بحاجة إلى رهن مستقبلها بيد أية دولة، مهما كان ثقلها أو حجمها الجغرافي أو الديموغرافي أو نفوذها. وهذا الإجراء بحد ذاته لا ينتقص من سيادة الدول الأخرى، ولا يمكن أن يُشكل استفزازًا لها، لأن المواثيق الدولية تدعم استقلالية قرار الدول وعدم تبعيتها. نعود مرة أخرى إلى تصريح كبير مستشاري الرئيس الأمريكي، والذي كشف عن خطة غزو واحتلال دولة قطر، لماذا تتعامل الولايات المتحدة مع دول المنطقة معاملة تخالف المواثيق الدولية، ونظم العلاقات بين الدول؟ ولربما يكون وزير الخارجية السابق (ريكس تيلرسون) قد فقد وظيفته لمعارضته غزو دولة قطر، ودعوته المسؤولين الأمريكيين لدراسة ما قد يترتب على ذلك الغزو، إلا ان المسؤولين في البيت الأبيض لم يلتفتوا لذلك، واستمرت خطة غزو دولة قطر، لشهور، حتى كشف عنها سمو أمير دولة الكويت. وكان الأجدى أن تمنع الولايات المتحدة، وبحزم، وتواصل مع دولة قطر، أية محاولة لزعزعة النظام والاستقرار في المنطقة، ولو كان بحق أية دولة من دول المنطقة، فما بالكم بدولة قطر، التي التزمت بالمواثيق الدولية، ولها علاقات وثيقة مع الولايات المتحد؟. ولما فشل الغزو العسكري، كما ظهر ذلك في تلفزيون قطر، بدأت دول الحصار في محاولة إقناع الرأي العام الدولي، عبر وسائل إعلامها المُسيّسة، بتلك الشروط، التي لم يُنفذ منها أيُّ بند، منذ إطلاقها في يونيو 2017، وتلك المبادئ الستة التي أطلقتها دول الحصار في يوليو 2017. ولقد صمدت دولة قطر خلال الحصار، ولم نُنفذ أيًا من تلك الإملاءات والمبادئ حتى اليوم، والتي تباهت بها وسائل الإعلام في دول الحصار، وادعت أنها ستكون وسيلة لإخضاع دولة قطر، وأظهرتها بشكل سمج ودعائي، لم يقدم ولم يؤخر في القضية. بل زاد قطر وشعبها إصرارا على المضي قدما فيما تراه القيادة الرشيدة في دولة قطر، رغم كل جراحات الحصار وآثاره على شعوب الخليج كافة. ولسوف تكشف لنا الأيام، ولربما عن طريق الرئيس (ترامب) نفسه، عندما يترك البيت الأبيض، عن خفايا في مؤامرة حصار، ومحاولة غزو دولة قطر، وكل ذلك يصبُّ في خانة تجريم دول الحصار التي لاحقتها السياسة القطرية في المحافل الدولية، وانتزعت منها حقوقها، خصوصًا محكمة العدل الدولية، وقرارها بقبول قضية التمييز التي تقدمت بها دولة قطر. نقول: بعد أكثر من عام ونصف على حصار دولة قطر، لم تُحقق دول الحصار أيًا من أطماعها في اختلاق ذاك الشرخ بين شعوب دول مجلس التعاون، بل إن دولة قطر التفتت لذاتها، وأنشأت ما تتطلبه المرحلة المقبلة من مصانع واحتياطات حياتية، وأيضًا علاقات دولية، في الوقت الذي تخسر فيه دول الحصار ثرواتها في حرب خاسرة في اليمن زادت مدتها على الثلاث سنوات، دون ان تُحقق لدول التحالف أيَّ موطئ قدَم في اليمن، أو تُعيد الشرعية إليه، وهذا فشل ذريع زَعزعَ ميزانية دول التحالف، وأضرَّ بأحوال شعوبها التي لاحقتها صواريخ (الحوثي) في عقر دارها، في الوقت الذي تكتملُ فيه المشاريع الحضارية في دولة قطر، مثل: الريل، ملاعب المونديال الضخمة، الموانئ، مخازن المياه، مشاريع التنمية الغذائية، والبنى التحتية من: شوارع عملاقة وخطوط خارجية، ومنشآت حيوية، كما تتسارع الخطى نحو تحديث الإدارة، والتعليم ورفد الخدمات الطبية بأحدث المعدات الطبية، التي تعالج الآلاف من القطريين والإخوة المقيمين من العرب والأجانب وبمستوى راق من الخدمات الطبية وبالمجان. نقول: ما هكذا الأُخُوَّة.. أيها الإخوة! • هامش: ورد في مقال الأسبوع الماضي اسم الكاتب والشاعر الفرنسي (فيكتور هوجو) ضمن قائمة الروائيين الروس، وهو فرنسي، ولد عام 1802 ومن أهم أعماله الروائية (البؤساء) و(أحدب نوتردام)، وتوفي عام 1885 ودفن في مقبرة العظماء. وللأمانة الأدبية لابد من هذا التوضيح.