13 سبتمبر 2025

تسجيل

"يُخرّصُون" وميناء حمد يَتكلم

26 سبتمبر 2017

تذكرني حوادث هذه الأيام، التي يحاصر فيها "الأشقاء" دولة قطر، بما قام به الخليفة (المعتصم)، إثر حادثة انتخاء امرأة مسلمة به بعد أن أصابها ضيم من الروم، فجهز الخليفة جيشًا فتحَ به عمورية! قال وقتها الشاعر أبوتمام: السَيفُ أَصدَقُ أنباءً من الكُتبِ في حَدّهِ الحَدُّ بين الجِدِ واللَعبِحتى جاء إلى البيت: تخرّصًا وأحاديثًا ملَفقةً ليست بنبع إذا عُدّت ولا غربِبيت أبي تمام هذا يجعلنا نستحضر كلمة (التخرّص) - الذي تمارسهُ دول الحصار هذه الأيام - بمناسبة إنجاز كبير تحقق في دولة قطر، وهو افتتاح حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد أل ثاني أمير البلاد المفدى، لميناء حمد، والذي يُشكل دعامة إضافية للاقتصاد القطري، وردًا حضاريًا على احتكار الدول "الشقيقة" لمسار التجارة، بعد أن فرضوا الحصار الجائر على الشعب القطري.والتخريص لغةً – كما جاء في مختار الصحاح– هو: الكذب، والخرّاصُ هو الكذاب! وتخرّصَ.. كَذِب!لا أود الدخول في مقاربة لغوية حول أداء الإعلام القطري وإعلام دول الحصار، فتلك قضية أخرى، ولكنني أريد التركيز هنا على ما تقوم به دولة قطر، وما يُحتّمه واقعنا اليوم، في ظل حصار جائر يمارسه بعض الأشقاء في مجلس التعاون وفي قربى الدم والجغرافيا والتاريخ. وكان التوقع أن "تنهار" دولة قطر مع البيان "التخرُّصي" الليلي يوم 5/6/2017، ولكن شاءت حكمةُ الله وقدرته أن ترتَد جحافلُ الشرِّ عن دولة قطر، وأن تتخلق حالةٌ جديدة في تاريخ قطر، وهي التفات كل القطريين حول قيادة البلاد، ورفض كل دعاوى دول الحصار، التي جاءت عبر تلفيقات لا أساس لها من الصحة. وبدلًا من أن يخنَع المواطن القطري ويتلمس طريق اليأس – كما توقع أهل الحصار– ويركن إلى متطلبات المرحلة الطارئة أو واقع الحال، هبَّ المواطن القطري هبوبَ العاصفة، رافضًا أي تغيّر سياسي أو ديموغرافي أو جغرافي لوطنه! وصار أن صمد الشعب القطري أكثر من ثلاثة شهور، بعد أن توقع المحاصرون أنه سوف ينهار في الأسبوع الأول. وكانت تلك حسابات غير مدروسة من قِبل دول الحصار، وهذا ما سبب الدهشة في تلك الدول، ولجأ الإعلام فيها إلى مغالطات كبيرة لا مكان هنا لسردها.في قطر استمرت الماكينات العملاقة الصفراء في شق الصحراء، واستمر (ريل قطر) في التمدّد، ولم تتوقف عمليات البنى التحتية ليل نهار، وتمدَّدت الطرق السريعة إلى كافة أنحاء البلاد، واستمرت (القطرية) في رحلاتها إلى دول العالم، واستمرت عمليات زراعة البدائل الإيجابية في وجه حصار "الأشقاء"! واستمر بناء منشآت مونديال 2020، تمامًا كما أُنجز ميناء حمد قبل الوقت المحدد له.ميناء حمد اليوم يتكلم في وقت "يتخرّص" فيه المحاصِرون، بأغانٍ لا تليق بتاريخ المنطقة، ولا بتاريخ الفنانين الذين حجزوا أماكن لهم في قلوبنا! ولا أريد الاستزادة في هذا الموضوع، لأن توريط الثقافة والفنون في السياسة أمر مُقيت، ونحن في دولة قطر لم يلجأ فنانونا لهذا الأسلوب الرخيص، رغم جمال التغنّي بالوطن وبكلمات راقية لم تتعرض لأي من دول الحصار. ونحن ندرك أن الثقافة والفن ينشران المحبة والألفة والتسامح والجمال بين الشعوب!ميناء حمد يرد على كل تلك "التخرّصات"، وكما قال أحدهم: "ناس تسوي أغاني وناس تفتح موانئ"!نحن في قطر لا نبيع الأماني، بل نفتح موانئ! برؤية عصرية وتدبير عاقل للأجيال القادمة، ولموقع قطر الدولي وعلاقاتها الممتدة مع دول العالم المتحضر. وميناء حمد لبنة جديدة وهامة في البنى التحتية لدولة قطر.ميناء حمد شريان جديد يربط قطر بالعالم، ويفك الحصار بصورة حضارية، يؤهل قطر لأن تكون مركزًا هامًا للتجارة العابرة والتصدير للخارج، وهو يستحوذ على حوالي 30% من التجارة الإقليمية. ولعل من أهم فوائد هذا الميناء تأمين الأمن الغذائي، واشتماله على مرافق تصنيع وتحويل وتكرير للأرز والسُكر والزيوت. وتلك رؤية صائبة تُعين دولة قطر في تأمين الغذاء وتصدير الفائض إلى الخارج. كما أن إمكانات الميناء وخدماته تشجّعُ الدول المُصدِّرة على التوجه لقطر، والاستفادة من موقع قطر المتوسط للخليج لتصدير بضائعها عبر هذا الميناء الحديث. والميناء سوف يستوعب 5ر7 مليون حاوية نمطية عند اكتمال كافة مراحله، وبه حوض بعرض 700 متر وعُمق 17 متر، وطوله 4 كليومترات، ما يؤمن دخول السفن العملاقة بيُسر وسهولة.ميناء حمد الذي تم افتتاحه رسميًا يوم 5/9/2017؛ تم استثماره لاستقبال 40% من الواردات لدولة قطر، خلال فترة الحصار، وهو يساهم مثل بقية موانئ الدول الشقيقة في عمان والكويت والهند وباكستان وتركيا، والتي تزوّد قطر بنسبة 60% الباقية من الواردات، كما قال أحد مسؤولي الميناء. كما أن الرقعة المخصصة للميناء والتي تقارب 5ر28 كيلو متر مربع ساعدت على إنشاء ثلاثة محطات (الأولى للحاويات وتبلغ سعتها 2 مليون حاوية نمطية سنويًا)، (والثانية محطة البضائع المتعددة، وتستوعب ميلوين طن من الحبوب سنويًا ونصف مليون سيارة بالإضافة إلى المواشي)،(والثالثة محطة البضائع العامة، والتي تستوعب 7ر1 مليون طن سنويًا)، الشرق 6/9/2017. تلك الرقعة تؤهل أيضًا لقيام صناعات رافدة للاقتصاد القطري، خصوصًا في ظل تزويد الميناء بأحدث التكنولوجيا المتطورة، الأمر الذي أدى إلى التخطيط لتوقيع عدة اتفاقيات شراكة مع سلطنة عمان وإيطاليا في الشهر المقبل، كما صرَّح بذلك سعادة السيد جاسم بن سيف السليطي وزير المواصلات والاتصالات.ميناء حمد الذي بلغت كلفته 5ر27 مليار ريال صرحٌ راسخٌ في الأرض القطرية، وهو استثمار للأجيال القادمة، في الوقت الذي يُنفق الآخرون أموالَ شعوبهم في شراء الأسلحة واحتضان شركات الإعلان العالمية من أجل الترويج لإنجازات وهمية أو للتعريض بالدول الأخرى. وهو رسالة بليغة على صمود قطر أمام كل محاولات الحصار، وعزم الدولة على مواصلة طريق البناء واستثمار الثروة في إقامة مشاريع تخدم المواطنين والمقيمين على أرض قطر الطيبة. ميناء حمد ردٌّ حضاري على كل دعاوى دول الحصار، وهو إنجاز ملموس في ظل "هوجة" الكلام والتلفيق والثرثرة و "التخرصات" التي تمارسها الفضائيات التي تُغيّب عقول المشاهدين، وتجعلهم لا يستخدمون عقولهم للتفريق بين الحق والباطل، والخير والشر، والجمال والقبح، وتجعلهم يستلذونَ السُكنى في "تابوت التاريخ"!