10 ديسمبر 2025
تسجيللم يقض أمر متابعة الأخبار مضجعى وحدى فى ظل ظروف عربية واسلامية دامية.. بها من الفتن كقطع الليل المظلم حين نتابع وصغارنا بجانبنا يسمعون، يلاحظون، يسألون، يتألمون ويبكون. صباح يوم دراسى أوقظت ابنى ذا العشرة اعوام للنهوض لمدرسته ولكى اشجعه على النهوض التفت الى النافذة قائلة انظر الى الغيوم ومنظر البرق يشق السماء — وانا اعيش فى جنوب الأرض حيث الفصل شتاء ووقت مدارس — فاذا به مرتعبا: لا تقولى برق، فمذ رأيته البارحة حلمت حلما مزعجا.. قلت: وماذا رأيت؟ قال: رأيت وكأننا فى حديقة عامة وعند مدخلها حيث كنتِ واقفة فاذا بدوى انفجار عنيف يهز المدخل اثر انفجار قنبلة فهتفت بصوت عال: امي... امي... وتنبهت عندها ان الانفجار كان قويا وليس بسيطا. ثم ماذا؟.. ثم كان ان اوقظته ليكتشف اننى بخير وان كل هذا الأمر لم يكن سوى حلم أقصد كابوسا... احتضنت طفلى لاهدئ من روعه، وليستعد ليوم جديد...شرد ذهنى وانا افكر فى اطفال سوريا من حولى عندما تحولت حياتهم جملة لا احلامهم فحسب الى جحيم، عندما تحولت حتى براءة العاب من بقى منهم على قيد الحياة على اطلال الدمار الى هراوات وبقايا يمثلّون بها أدوار فرق القتال بين الجيش السورى الحر وبين قوات النظام لتنشأ بذلك معضلة سياسية فى القتل بين الشعب الواحد حين لا يعلم القاتل لم قتل ولا المقتول فيم قُتل. أدرت الأخبار فيما بعد... فاذا بمجزرة جديدة لكنها باخطر الأنواع من أسلحة الدمار الكيماوية المحرمة دوليا على غوطة دمشق وموت آن بالجملة لسكانها وأطفالها ونذير قتل متواتر ومؤجل يعقبه تباعا بالتسمم دون ان يحرك العالم المتخاذل ساكنا، هذا والقلب يعتصر ألما لآثار عصبية لغاز خطير لتمتد فوق الفتك لآثار ضارة قاتلة تشل القلب وتتلف الدماغ. عادت بى الذاكرة الى تقرير دولى سابق نشرته وكالات الأنباء الدولية فى الفترة العصيبة التى سبقت مجزرة الكيماوى كشف عن أثر الصراعات الدموية على الصحة النفسية لأطفال دول الربيع العربي، فاذا بالمشهد المخزى لقذف المدنيين بغاز الأعصاب وسط الخذلان الاممى الأمنى يهدد ليس انسانية البشر فقط ولا صحة الأطفال الجسدية والنفسية فحسب بل صحة المجتمع الدولى العقلية والنفسية بغياب النزعة الانسانية.. هذا ان كان قد بقى فى هذا العالم عاقلا واحدا. واذا كان اطفالنا قد مسهم الرعب فقط من مشاهدة الأخبار والاستماع الى طلفة سورية بريئة باغتها التفجير خلفها وهى تغنى لتسقط وزميلها مبتور الرجل ويسقط من حولها جرحى أمام مرأى ومشهد الأطفال الذين يتابعون تكرار هذا المشهد على شاشة الجزيرة... فما بالنا بالكيماوي ليصعقهم من جديد تفجيرغاشم فى مسجدين فى لبنان لتضيف نحيبا جديدا لجراح لم تندمل بعد فى كل من سوريا ومصر وقبلهما ليبيا وتونس العراق.... "مصر" هذا شيء جديد؟ هكذا كان رد فعل أطفالنا من أزهق حق من؟ من قتل من؟ وماذا حدث؟ لماذا تدمر المساجد ودور العبادة؟ نعم يسألون؟... وما اصعب سؤال الطفل... ماذا بقى يا امي؟ يتساءل طفلي؟؟ السهل الممتنع أصعب من الصعب، هى فى السياسة كما الحياة كل ذلك ونحن ننعى واقعنا العربى الدموى الذى جعل الشق بين اللُّحمة الواحدة كبيرا. وجعل بأسنا بيننا شديدا وقلوبنا شتى، وجعلنا ننعى الضمير العالمى الميّت المتآمر على امتهان الانسان وعلى سحق حقوق طفولة اغتصبت فى ميادين لم تكن أبدا لحرب، كما ننعى براءة طفولة أبنائنا التى جعلت أحلام منامهم كوابيس يقينا لا نستطيع ان نكذب فيها لا سمعهم ولا بصرهم... فكبروا مبكرا على ألم...بدلا من ان يكبروا على أمل... والألم...معترك حياة.