16 سبتمبر 2025
تسجيلتنفق دول مجلس التعاون الخليجي موازنات ضخمة على المشاريع لتحقيق عوائد مالية تشكل أرضية قوية لبنية اقتصاداتها المحلية، ولتكون قوة دافعة لتنمية كل الأنشطة البشرية، ولتعزيز النسيج الاجتماعي في ظل النمو. ورغم المؤشرات المالية القوية التي تحققها الاقتصادات الخليجية في مختلف الأنشطة إلا أنّ الواقع لا يشهد نمو شركات جديدة تطرق مجالات غير تقليدية تنافس السوق. فالمؤشرات المالية التي تطالعنا فيها التقارير الدولية تؤكد متانة الاقتصاد الخليجي وقدرته الفعلية على تبني شراكات فاعلة إذا أخذ القطاع الخاص زمام المبادرات، فالشركات الدولية تسعى لافتتاح فروع لها في دول التعاون، وتقتنص فرص الشراكة في مشاريع قطرية وغيرها، وهي فرص نوعية للقطاع الخاص إذا أحسن الاستفادة منها، ليأخذ دوره في النمو. كما تشكل الإحصاءات الرقمية المتقدمة قوة دافعة للتنمية إذا أحسنت القطاعات بناء دراسات جدوى تقوم عليها، فالحركة الإنشائية في دول التعاون من طرق ونقل وسياحة وخدمات واتصالات تعتبر محركاً فاعلاً لأوجه النشاط الاقتصادي. وأشير إلى أنّ مشاريع البنية التحتية لدول التعاون تبلغ "280"مليار دولار وقد تفوق ذلك بكثير، تنفق أكثر من "140" مليار دولار على مشاريع النفط والغاز، وتنفق "120"مليار دولار على النقل، و "85"مليار دولار على المشاريع الكيماوية، وهي بيانات تعتبر مؤثراً إيجابياً في أنشطة أخرى مثل الكهرباء والماء والخدمات والاتصالات والتقنية والبيئة والسياحة. وبرؤية أكثر قرباً من اقتصادنا المحلي لكونه يجذب الاستثمارات والمشاريع البنائية فإنّ المؤشرات القوية تعكس مدى المتانة والكفاءة في الإنتاجية الصناعية والتجارية والتبادلية بين الدول، فمن خلال البيانات التحليلية يتبين أنّ الدولة تنفق أكثر من "17"مليار دولار على مشاريع الطرق، وخصصت "13"مليار دولار لبناء المطار، و "35" مليار لمشروع المترو، و "7"مليارات دولار للمرفأ، مما يشكل قوة محفزة للشركات الوطنية لدخول التنافسية بثقة. والمتتبع للوضع الراهن فإنّ القطاع الخاص ينمو بحذر، وقد يكون هذا بسبب المخاوف الدولية من الديون الأوروبية، وعدم استقرار منطقة الشرق الأوسط، وعدم السعي أيضاً إلى فتح مجالات جديدة للتنمية سوى ما هو قائم. قرأت مؤخراً بيانات مالية متفائلة للبنوك تشير إلى وضع القطاع الخاص، الذي يحتفظ بودائع تتجاوز قيمتها "4،8"مليار ريال، وقروض وتسهيلات ائتمانية من البنوك إلى القطاع الخاص تقدر ب"2،7"مليار ريال.. وهذا يبين أنّ تعامل الشركات مع البنوك لا يزال في مستوى لا يتناسب مع السوق المحلي المفتوح على استثمارات وجاذب لارتباطات تجارية وصناعية خارجية، لذلك يتطلب الطموح التفكير بعقلية توسعية لدخول أسواق جديدة. وإذا كانت المعطيات تتيح أمام الشباب فرص الاستثمار في المشروعات القائمة أو بناء الجديد فلماذا يحجم كثيرون عنها، ما دامت الدولة هيأت الآليات القانونية والتجارية للدخول في صفقات واتفاقات. وقد فرض النظام العالمي الجديد بتحدياته الراهنة على الشباب بناء مؤسسات أكثر تأقلماً مع الحراك الاقتصادي، ومن هنا تسعى الحكومات إلى إثراء بيئات الأعمال وتعزيز التنافسية بما يخدم مصلحة المستثمرين الجدد أو العاملين في القطاع. وأرى أنّ القطاع الخاص في دول التعاون على مفترق طريق بين الاستفادة من الفرص المتاحة أو النمو الذي يراوح مكانه، إذا رغم بيانات القوة في النواتج المالية والتجارية إلا أنه لم يأخذ مساحته من السوق ويصل إلى مستوى التأثير، وعليه أن يدرس كيفية التكيف مع عصر التقلبات الاقتصادية، والقفز بالأفكار من التقليدية إلى الحداثة، والاستثمار في آفاق يزداد الطلب عليها كالخدمات مثلاً. وفي واقع يفرض علينا تغيير الأنظمة الاقتصادية للتعامل مع أزمات متلاحقة لابد من الشراكات الصغيرة أن تتبنى الخبرات الاقتصادية الجديدة التي تعزز مكانة الشركات، وتجنبها المخاطر ولو بقدر يسير، وأن ترتبط بالعولمة واللجوء إلى مصادر معلومات متماسكة تفتح آفاق الابتكار، وعدم انتظار قدوم الفكرة إنما الذهاب إليها.