10 سبتمبر 2025

تسجيل

"تويتر" مجلس دولي

26 سبتمبر 2011

تويتر مجلس دولي وبالنسبة لي هو أهم "العوالم الوهمية الفكرية والثقافية " يغذينا، يثقفنا، يلهمنا، يسلينا، يلهينا، يؤلمنا ويشجينا، ينافس رأي الحكومات فيما أسموه الأمم المتحدة، وأخاله هو الشكل الالكتروني أو ربما المستقبلي للأمم المتحدة الأكبر والأصدق من تلك التي تتخذ نيويورك مقرا لها لأنه محفل دولي ومن فيه ينتقد ويعلق على كل أجندة بما تتطلبه الشعوب بحق.. لذلك هو المحفل وهو المجلس وهو الرأي.. لم يختزل الزمن والوقت والمساحة والنطاق، بل والتكلفة ايضا. اختزل صرعة مقاهي انترنت آخر العصر الماضي وفي زمن قصير قلب موازينها، لانه مقهى دردشة دولية عن بعد سواء اخترت ان تكون ناشطا فاعلا، أو اخترت ان تكون صاحب حساب محايد مطلع يسمع ولا ينشر ولا يكتب ولكنك في الوقت ذاته متابع جيد وهذا في حد ذاته مهم جدا، في "تويتر" مشاركتك دولية والمجلس الذي تدخله عالمي ولك حتما الحرية في اختيار مكانك ومساحتك وطريقة مشاركتك في حسابك، فلا لأحد سلطة عليك لأنه باسمك الخاص، فحرية التعبير والسكوت أيضا مكفولة. ولكن تويتر أو ما يسمى microblogging لم يكن بواقعية او كرم خدمة تجاذب الناس أطراف الحديث والرأي حول كل القضايا، الأحداث، الأخبار، المواقف، الحوادث، البرامج، المستجدات، أو حتى النوايا وربما للبعض حتى التنفس والشهيق والزفير والهمهمات والتمتمات التي توحي للمرء بما وراء الانسان أي هو مرسال فكرهم ومرسال قلبهم أيضا. لقد اختصر المسافات وقرب كل بعيد، وقطع شوطا في مسيرة الدردشة والتدوين والنشر الالكتروني بالفعل ولكنه فرض تحديا كبيرا لأنه اذكي من ثقافة العطاء الحاتمي "فلا يخدم بخيل" كما يقول العرب او بالعامية "ما في خدمة ببّلاش" فتويتر مجلس مفتوح مهما أغلق البعض حساباتهم بقدر ما يفسح لك ويعطيك يأخذ منك الكثير انه سلاح ذو حدين أقوى من وسائل الإعلام التقليدية، يستطيع كل من يدخل المجلس تحليلك من خلال الاطلاع على قوائمك ومفضلاتك المنتقاة المختارة وليس فقط فكرك ورأيك وتدويناتك بل ويعرف متابعيك ومن تتبعهم وما وراء الأحداث وما وراء الأخبار وما وراء قلبك وليس لسانك. اختزل تويتر والفيس بوك ايضا العمل لدى المؤسسات المعنية بالتحليل وأجهزة البحث والتحري، وسهل اعداد تقارير المخابرات والأجهزة الأمنية التي كانت في السابق تبحث بحثا اما الان فتوهب طوعيا من قِبَل صاحبها،بل وربما كان تويتر والفيس بوك سببا في البطالة والمتهم الأول في تسريح عدد كبير من موظفي الاجهزة الامنية وتحويلهم الى المعاش، ولعل هذا ما قاد مؤخرا الى احتجاجات إلكترونية ساخرة على الفيسبوك بعدما أطلق تحديثاته الجديدة حول نافذة Ticker التي تعرض نشاطات الأصدقاء لحظة بلحظة من كتابة تعليق أو رفع صورة أو أي شيء آخر... ربما بدرجة عطسة يحمد الله عليها فيشمته الآخر، أو كحّة..... فأطلق عليه البعض اسماً تهكمياً بانها خدمة "فيسبوك....افضحني شكراً"، وسرد البعض مميزاتها وهي — على حد تعبير اخواننا المصريين ظراف الدم —: (سيرتك ع كل لسان وأي حاجة هتعملها هتتشاف يعني هتتشاف).. هي تحديات كبيرة، ولكل انسان الحق والحرية في خياراته في امتطاء نوع واحد او انواع من الحسابات الاجتماعية الخاصة وفي حجم ومستوى ونوع مشاركاته ومدى تواترها. ودور تويتر اكبر بكثير من مجرد التدوين، لذلك جنحت بعض الدبلوماسيات الدولية لمسايرة ذكاء الشعوب او في محاولة للحاق بركبهم وركب عصر المعلوماتية، او بعد الضربات الموجعة، فالخارجية الأمريكية قامت بالتزامن مع الثورة المصرية بإطلاق حساب تويتر بالعربية منذ 9 فبراير 2011 بحساب USAbilAraby@ وفيه تبث الخارجية الأمريكية رسائلها بالعربية، ويلاحظ فيه الحصافة في انتقاء الاسم الذي كتب بطريقة وبحروف لاتينية ناطقة بالعربي لتناسب وجمهورها لدعم التواصل الرسمي الأمريكي مع وسائل الإعلام العربية US Department of State Arabic Media Hub وهو ليس فقط حساب بل جزء لا يتجزأ من مشروع "فن الحكم في القرن الحادي العشرين" الذي تبنته وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ويهدف إلى "تعزيز السياسية الخارجية التقليدية بأحدث الاختراعات والآليات المتطورة لفن الحكم التي تستخدم الشبكات والتكنولوجيا والديمغرافيات "اما النقلة النوعية ايضا فهي الصورة المسموعة وليست المكتوبة فحسب بالعربية الفصيحة الرسمية على يوتيوب منذ 4 مايو 2011. جاء ذلك مع نشر "تعترف وزارة الخارجية الأمريكية بالدور التاريخي الذي يلعبه الاعلام الاجتماعي في العالم العربي ونرغب ان نكون جزءا من محادثاتكم" بل وتفاعلت وزيرة الخارجية الأمريكية ففي تصريح لها “نحن نريد أن نوصل رسالتنا بشكل مباشر” وهي تبرر بأن السياسات الأمريكية دائماً ما تصل للناس بشكل خاطئ" وهي ذات حساب خاص بها على تويتر بحساب: HRClinton@ كما اطلقت الخارجية حسابا اخر على تويتر بالفارسية USAdarFarsi@ وايضا بالصينية والروسية والهندية. ولخارجية بريطانيا ايضا حساب تويتر خاص بالشرق الأوسط@UKMiddleEast ولعدد من خارجيات الدول حسابات ولكن بلغاتها الأم ومنها بعض الدول العربية المحدودة فقط على استحياء، تويتر الأممي وباحتراف آلية الحكم في القرن الحادي والعشرين ينبه العرب على وجه الخصوص ان الدول تجاوزت القاعدة العامة في الإعلام الدولي "اعرف جمهورك" وفي الحياة العامة والإعلام الاجتماعي "اعرف مجتمعك" إلى قاعدة اكبر في علمي الإعلام والسياسة والعلاقات الدولية وهي " اعرف خصمك " او حتى "خاطبهم بلغتهم" واللهم اغفر لقومنا لأنهم ما زالوا يحبون في مرحلة "اعرف جمهورك" في عمر الربيع العربي وثوراته المنبثقة من حمم الثورة المعلوماتية والحسابات الاجتماعية، خصوصا لدى دوله، ولدى تلك الدول التي تقع أولى أولوياتها في الدور الريادي للوساطة الدولية او الشراكة او الائتلاف الدولي في دعم حق الشعوب نظن ان طريق المعلوماتية لدى بعضها مازال ينهج نهج السلحفاة وهو ليس بطريق حرير بل طويل وشائك. فهل ستعي أجهزتها الرسمية دور تويتر الأممي كمجلس لا يقل أهمية عن الأمم المتحدة التي نفروا إليها زرافات ووحدانا، بل هو أهم حقا على حد مقولة نشرت مفادها: "لو كان توتير دولة، لكان خامس اكبر دولة في العالم تعدادها 200 مليون شخص" وفي حق الفيتو "حق النقض" أصبح تويتر أقوى أثرا وإطاحة........ في دولة قطر أحصى موقع حكومي الإلكتروني عددا يسيرا فقط من الجهات الحكومية الرسمية التي سايرت الرقمية بحساب خاص لها على تويتر، حجما لا يتناسب ودورها التقدمي الرائد. وما ينطبق قوله على العرب يجري على قطر فهل ستلحق أجهزتنا المهمة والاستراتيجية بركب سلاح المعلوماتية الضوئي النافذ التغيير، وهل ستجتهد في ان تكون على دين شعوبها، وديدن الدبلوماسية الدولية الناجعة دون عقيدة الخوف؟ قديما قالوا في عصر الأميّة المعرفيّة: لا بد ان تنزل المؤسسات الرسمية ومن عليها الى مستوى رجل الشارع، واليوم في عصر الأمميّة الرقميّة نقول: يجب ان ترتقي المؤسسات الرسمية ومن عليها لتصل لمستوى رجل الشارع. كاتبة وإعلامية قطرية Twitter: @medad_alqalam medad_alqalam @ yahoo.com