19 سبتمبر 2025
تسجيلالصُّمودُ يحطِّمُ القُيُودَ هل أحد فينا ينكر أنَّ الحياة َمليئةٌ بالصِّعابِ ؟ وهل يوجدُ أحدٌ في الحياةِ لا يعاني، ويعيشُ حياةً ورديةً بلا منغصاتٍ تعكرُ صفوَ حياتهِ ؟ بالطبعِ لا أحدَ ينكرُ أنَّ الحياةَ معاناةٌ، والكلُّ فيها يعاني إما معاناة معنوية أو مادية، والدليل قوله تعالى: « لقد خلقنا الإنسان في كبد «. سورة البلد ( الآية 4 ) أي أنَّ الإنسانَ يكابدُ مضايقَ الدنيا وشدائدَ الآخرة ِ. إذن المشقةُ تحفنَا من كلِّ جانبٍ، وتقفُ على الأبوابِ وفي شتَّى الدروبِ والمسالكِ. فإذا اتفقنا أنَّ الحياةَ معاناةٌ، فما الواجب ُعلينا إذن كي نحيا حياةً هنيئةً بعيدة عن الآلامِ النفسية والجسديةِ. هناك مفاتيحٌ كثيرة ٌ؛ لفتحِ أبواب ِالسَّعادة ِوالهناءِ، أهمُ هذه المفاتيح مفتاحُ الصَّبر الذي تُفتحُ به كلُّ أبوابِ السعادة ليس في الدنيا فحسب، وإنما في الدنيا والآخرةِ. إذن يجب علينا أنَّ نتجرعَ صعابَ الحياة ولدغ ذنبِها ؛ كي نجنيَ حلوَ شرابِها. فالله – سبحانه وتعالى – أمرنا بالصبر على كلِّ مآسي الحياة ِوويلاتها، وبشَّر الصابرين بحسنِ الجزاء وكلِّ ألوانِ النَّعيم حيث قال:» وبشر الصابرين، الذين إذا أصابتهُم مصيبةٌ قالوا إنَّ لله وإنَّا إليه راجعون، أولئك عليهم صلواتٌ من ربِّهم ورحمة وأولئك هم المهتدون «.البقرة الآية 156 فالصَّبرُ يحطم كلَّ قيودِ الأسى والألمِ ويحررُ المرءَ من قيود الضعفِ والاكتئاب، ويخرجه من دائرةِ الكآبة والاستسلامِ وضعفِ الدافعية. واعلم أخي أنَّ الدنيا دارُ ابتلاءٍ ومشقةٍ، وليست دارَ هناءةٍ ولذةٍ ؛ ولذلك يختبر الله فيها عباده. فمن خاضَ بحرَ البلاءِ وتذرع بالصبر، عبرَ بسلامٍ ونفسٍ راضيةٍ ووصلَ إلى برِ السَّلامةِ والنجاة. فهنيئًا لِمَنْ تسلَّح بالصَّبر، ولم يسمحْ لبراثنِ اليأسِ والجزع أن تفتكَ به، وتنالَ من عزيمته، وتبعده عن رضا الله. وكما أشادَ رسولنا الكريم ( صلى الله عليه وسلم ) بالصَّبر حيثُ قال َ:» وما أُعطي أحد عطاءً خيرًا وأوسع من الصبر «. ومن وجهةِ نظري، أنَّ من أحرقته الحياةُ بجمرِ لهيبها ولم يبِدِ جزعًا، فقد تجرع الصَّبرَ ؛ ليقيه بؤس صنيعها.فطوبى للصابرين الصامدين أمام صراعاتِ الحياة وويلاتها والذين بقوة صبرهم وصمودهم يعبرون إلى دروبِ السَّعادةِ والنجاةِ.