18 سبتمبر 2025

تسجيل

غضب يكشف دفاتر عمر!

26 أغسطس 2021

* الإنسان عبارة عن كمٍّ من مشاعر تسكن أعماقه، كتلة تكونت وتبلورت وامتزجت بتجارب عمر؛ تجارب تصقل تلك الأعماق وتجعلها أعماقا شفافة وحساسة لما حولها من هموم وشجون ومسرَّات تحس بها في انعكاس تلك الأعماق على الأشياء والناس حولها. * مع تلك المشاعر الصادقة العميقة في أعماق الإنسان، لا بد وأن تحدث مشاحنات بين أرواح مختلفة وأشخاص عديدين يصادفهم الإنسان في منعطفات ورحلة أيامه تؤدي إلى نقاش يحتد، وإلى ثورة أفكار ومشاعر غاضبة، تخرج معها ترسبات قديمة وكم من تراكمات جعل لها مكانا في داخله رغم تعامله، مشاعر متوهجة كالبركان تنثر مكنونها وتراكمها ورمادها هنا وهناك في لحظة ولحظات غضب سلبية * في لحظة تكتشف إنسانا آخر ماثلا أمامك بكم الدفاتر القديمة الغلاف، والصفحات التي ينثر محتواها أمامك! لماضي وأحداث مضت! سرد وأحداث باليوم والتاريخ والساعة والثواني وكأنه شريط أحداث سجلته الكاميرا! أو كأن عجلة الزمن والعمر نحتت تلك الأحداث في الذاكرة ورفضت أن لا تُمحيها! * عتمة الغضب وسواد الأفكار والإصرار على البحث والتنقيب في صناديق عقل قديمة مغلفة تنسيهم أي لحظات جميلة مرت بهم، وتتلاشى من أعماقهم، وتتدحرج من أفكارهم الذكريات والمواقف الجميلة والطيبة تلك الدرر الثمينة في الأقوال والأفعال التي بلورت جزءا من تفكيرنا. * إصرار البعض على استنشاق دخان غضبهم، ينسيهم استنشاق شذى عبير أزهار أجمل الذكريات والمواقف الإيجابية النبيلة، يرفضون فتح كنز الأفكار ونثرها أمام أعينهم لتمحو وتسهم في إطفاء نار الغضب المشتعلة! يرفضون الإنصات لصوت الضمير وأي صوت صادق معهم! * العلاقات الإنسانية الجميلة في البيت، بين أفراد الأسرة، في المدرسة، في العمل وفي كل جوانب حياتنا وتعاملنا، تفرض أشكالا من المعاملات والعلاقات والتي لا بد وأن يمسها بعض الفتور واختلاف الرأي التي تفرض الخصام والبعاد والنسيان. * نسيان يختارونه لعقولهم، يُنسي الإنسان مواقف وكلمات طيبة وأخلاق إنسانية تدل على صاحبها، مواقف خاصة صادقة يجعلونها في القاع إن لم تُعدم في ثوران بركان الغضب! * النسيان نقمة، بأن لا ينسى الإساءة وسوء الفهم، فهي تظل عالقة ومتحركة تطفو وتظهر في أول بوادر الغضب لتزيد من الشعلة المشتعلة بين الطرفين.. وترفض معها العقول بألا تتصالح.. وتتحاور بهدوء. * تبتعد العقول والقلوب والأرواح عن بعضها البعض.. تتلاشى عمق المشاعر ولا يكون انتعاشها وإعادة الروح السامية الشفافة إليها إلا بسمو الروح والنظر إليها بحب وثقة.. الذي يدفعها إلى التسامح. * التسامح ومد اليد لمصافحة من أساء إليك، أو أسأت إليه، والنسيان الإيجابي دون ضعف أو استكانة أو سذاجة وإنما بقوة وأخلاق عالية يدل على سمو الأخلاق. فالمتسامح.. شامخ الأخلاق والمشاعر أمام أقزام البشر يجعلهم مبعثري المشاعر، تائهي النظرات عاجزين عن النطق. * آخر جرة قلم المتسامح شفاف الروح، كبير العقل، عظيم القلب والإنسانية، إنسان يتحرك في هذه الأرض، يقف عند أرصفتها الكثيرة بقوة وثقة، يعبر دهاليز حياته بما فيها من صعاب بكل ثقة، فهو يمضي إلى آماله الإنسانية ويصل لمبتغاه وطموحه دون النظر أو التوقف عند هفوات بشرية تعكر صفو حياته.. وتعطل مسيرته وتحركاته. المتسامح إنسان رائع الصفات، إنسان يحمل معنى الإنسانية الحقة الصادقة بما يتحلَّى به من صفات بشرية نادرة في زماننا الغريب، صفات قد تتلاشى في زحمة الأنانية والفردية، فالمتسامح كبير العقل والقلب بما يحمله من مشاعر وفاء وإخلاص وصدق ونبل وثقة وحب كبير لا يحمل حقدا ولا كره.. فالتسامح قلادة شرف لأجمل المشاعر. فلا نجعل قوانين وقرارات ولا نجعل مواقف تنسى أصل الإنسان وحقيقة وجوده وموقفه في مواقف يشهد لها التاريخ قبل قوانين وكتب وقرارات عقول البشر.. [email protected] @salwaalmulla