17 سبتمبر 2025

تسجيل

الشركات العائلية الخليجية 

26 أغسطس 2018

أهمية مواصلة الرقابة على رأس المال في خضم التحولات التي تشهدها الاقتصادات الخليجية خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وخاصة على صعيد هيكلة الدعم وزيادة الرسوم وفرض الضرائب ومطالبة القطاع الخاص بمساهمات أكبر في التنمية، واجهت الشركات العائلية الخليجية العديد من التحديات. لكن تقرير صادر عن كي بي أم جبي يبين إن هذه الشركات تمتعت بمرونة كبيرة، إذ شهدت معدلات نمو مستدامة إلى حد كبير وحققت أكثر من ثلثي الشركات التي ساهمت في الاستبيان نموا في  إيراداتها خلال العام 2017 في حين أفاد 40% منها باستقرار الإيرادات أو تحسنها من عام إلى آخر. لكن تقريرا سابقا  أصدرته «ديلويت»  واعتمد على مقابلات متعمقة مع أكثر من 40 شركة من بين أبرز الشركات العائلية العاملة في مختلف القطاعات يقول إن الشركات العائلية الخليجية لا تزال تواجه تحدي ضمان استمراريتها إذ تشير نتائج التقرير أن 39% فقط من العائلات التي شملتها المقابلات، تعتمد على خطة خلافة رسمية مكتوبة، وهو ما ينذر باحتمال تصاعد الخلافات بعد مجيء الجيل الثالث.  وعند الحـديث عن ضمانات استمرارية الشركات العائلية في دول الخليج العربية يتوصل معظم المحـللين لنتيجة واحـدة، وهـى أهـمية تحـولها لشـركة مساهمة سواءً أكانت مسـاهـمة عامة أو مقـفلة ودعـوتـها للتخلص من بعض أو كل الملكية الفردية وترك الإدارة للمختصين -من غير أفراد العائلة- وكأن هذا التحـول هو الحـل السـحـري الـذي سيـنـقذ العائلة مـن المشـاكـل. وهـذه النتيجة تنطوي علي شيء من التبسيـط لأن اسـتـمرار منشـأة مـا لا يعـتمد على شكلها النظامي فحـسب وإنما يعتمد على عدة عوامل ذاتية تتعلق بالشركة نفسها، وأخرى موضوعية تتحـدد بظـروف القطـاع الـذي تـنـتـمي إلـيـه الظـروف المحـلية أو الإقـليمية أو الدولية حـسب نوع نشـاطـها وامتـدادهـا الجغـرافي.  وبالفـعل بـدأت أكثر الشركات العـائـلية تتـجه لصيـغة الشـركة ذات المسـؤوليـة الـمحـدودة أو شركة التوصية لتنظيم نفسها وخاصـة بمشـاركة المـؤسس وأولاده لضـمان سـلامة الانتقال وفـرض الشـرعية عـلي الجميع نـحـو تقـبل القـيادة الجـديـدة المتوقعة سـواءً كـان الأبـن الأكـبر أم أحـد أفـراد العـائـلة غير المؤسس أو المـؤسـسين. إلا أن تنظيم الشكل القانوني للشركة العائلية ما هو إلا الخطوة الأولى في تنظيم أعمال الشركة، ووضع اللبنات لديمومتها.  فمن الضروري رفع مستوى الحوكمة في الشركات العائلية لضمان توافق الاستراتيجيات بغية الحفاظ على ثروة الشركات العائلية، إذ لا بد من مواصلة مراقبة رأس المال في أقسام الشركة العائلية المختلفة لضمان انسجام خصائص أخطار المحافظ وعائداتها مع الإستراتيجية العامة التي وضعتها هذه الأخيرة. وأنشأت 44% من الشركات العائلية التي شملها تقرير ديلويت لجنة استثمارية مستقلة عن مجلس الإدارة. كذلك من أجل ضمان الاستمرارية تحتاج الشركات العائلية الخليجية لوضع آليات لحل الخلافات الناشبة بينها وضمان عدم تطورها لحالات من العداء المستعصي الذي يهدد أوضاع الشركة ومستقبلها وأعمالها. وأولى هذه الآليات هي تشكيل مجلس العائلة الذي  يكون بمثابة منتدى للحوار والتفاهم حول الكثير من القضايا التي تهم شئون العائلة. إن أهم أهداف مجلس العائلة تتمثل في توفير منبرا منتظما لأفراد العائلة للمشاركة في الحوار فيما بينهم، وخلق ثقافة مشتركة بينهم.  وبناء على هذه الأهداف نعتقد أن أولى مهام مجلس العائلة هي خلق الوحدة والتوافق في الشركة العائلية.  وثاني المهام هي تنظيم علاقة العائلة مع الشركة العائلية، حيث إن مجلس العائلة هو المنبر الأمثل لمناقشة الأمور الجوهرية التي قد يكون للإجابة عليها تأثير بالغ على مستقبل الشركة على المدى الطويل.