17 سبتمبر 2025

تسجيل

تنشيط القطاعات يحمي السوق الخليجية من المخاطر

26 أغسطس 2015

تعصف بالاقتصادات العالمية الهبوط المستمر لأسعار النفط وتذبذب العملات وانخفاض أسواق الأسهم الأوروبية تبعاً لتأثرها بأكبر الاقتصادات، فالتوقعات تشير إلى هبوط متوقع عند سعر 40 دولاراً لبرميل النفط وقد يكون أقل من ذلك. التطورات السلبية لتهاوي أسعار الطاقة، تفتح الباب لتساؤلات عن أدوار مساندة لاقتصاديات الدول في حال مرورها بأزمة عاصفة كالتي يعايشها العالم من العام 2014 وحتى الآن، مثل دور القطاع الخاص في أن يكون رديفاً للاقتصاد الأساسي، والاستثمارات، وتنويع قاعدة الدخل بتنويع الأنشطة ... فهل يمكن لهذه القطاعات أن تساهم في إنقاذ الاقتصاد من فخ الأزمة . تشير المؤشرات إلى أنّ الاقتصاد العالمي يمر بمرحلة تباطؤ بسبب تراجع أداء سوق النفط، وانخفاض أداء الاقتصاد الصيني مع تراجع النمو الصناعي في الاقتصادات الناشئة، وتخمة سوق المعروض من النفط، وتأثر عملات اليورو والدولار واليوان الصيني بهذا التغير. أضيف هنا، مستوى الثقة الذي بدا واضحاً في تعاملات المستثمرين والمتعاملين في الأسواق، والمخاوف الكبيرة التي تعتريها من عودة شبح أزمة 2008. وأرى أنّ ما تمر به الأسواق اليوم قد يكون أشد وطأة من أزمة 2008 ، بسبب وجود عوامل سلبية عديدة منها التضخم في اقتصاد الصين ، ومؤشرات البطالة المقلقة في القارة الأوروبية ، وعجز دول اليورو عن النهوض بإصلاحات تأمينية واجتماعية شاملة. فالاعتماد الكلي على النفط كمصدر أساسي للدخل، وعدم تنشيط المصادر الاقتصادية الأخرى من القطاع الخاص والاستثمار من شأنه أن يزيد من الهوة. فمنطقة الخليج تعتمد على القطاع النفطي والغاز وصناعة المشتقات التي تقوم على الطاقة بشكل أساسي ، حيث يقدر فائض الموازنات الخليجية العام الماضي بنحو 76 بليون دولار ، كما تقدر قيمة السندات والصكوك بالعملات العالمية العام 2014 بحوالي 32 مليار دولار ، وتوقع ببلوغ عائدات النفط نحو 280 بليون دولار العام 2015 ، كما تقدر احتياطاتها النفطية بنحو 2500 بليون برميل ، وتملك دول التعاون أيضاً احتياطيات مالية قدرها 2,45 تريليون دولار من خلال الصناديق السيادية ، وتقدر الاستثمارات الخارجية بالمليارات . فالاستثمارات الضخمة التي تنفقها دول التعاون الخليجي على المشاريع الإنشائية والخدمات العامة ، والتي ستحقق عوائد ربحية على مدى السنوات القادمة من شأنها أن تشكل رديفا لمصادر الدخل من الطاقة في الوقت الراهن. واستشهد هنا بتقرير الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي ٢٠١٤ يشير إلى أن دول التعاون تقود طفرة استثمارية في قطاعات الطيران والسكك الحديدية والبنية التحتية والإنشاءات ، وقطاع التبادل التجاري والسياحة. وتضخ دول التعاون استثمارات تحويلية ضخمة في كل من المملكة العربية السعودية ، قدرت بـ ٤٥ بليون دولار وقطر تقدر استثماراتها بـ ٣٧ بليون دولار، والإمارات تقدر استثماراتها بـ ٢٢ بليون دولار. وذكر تقرير غرف التجارة بدول التعاون أن استثمارات دول الخليج قدرت بـ ٣،٣ تريليون دولار في ٢٠١٤ وذكر أن الزيادة الكبيرة في الاستثمارات الخليجية الخارجية تتجاوز الـ ٣،٣ تريليون دولار. كل تلك البيانات تشير إلى متانة الاقتصاد الخليجي بقوة الاحتياطيات المالية ومخزون الطاقة الهائل الذي تمتلكه المنطقة سيمكنها من عبور المخاطر إلى بر الأمان. من هذا المنطلق فالاقتصادات الخليجية بدأت منذ زمن مبكر في إيلاء الاهتمام بالقطاع الخاص، وقدمت له كل التسهيلات التي تذلل العقبات أمامه، وعملت على تنشيط الاستثمارات المحلية والخارجية لتكون داعمة للاقتصاديات الوطنية، إضافة ً إلى انتهاج نهج تنويع قاعدة الإنتاج المحلي بدلاً من الاعتماد على الطاقة كمصدر وحيد للدخل ، وبدأت في استثمار مشاريع بنية تحتية وصناعية وسياحية وتعليمية وصحية وتقنية، لتقي النشاط الخليجي العام من التأثر بالمخاطر العالمية .