13 سبتمبر 2025

تسجيل

التأمين الطبي أو الصحي.. المشاكل والحلول.. (1 - 2)

26 يوليو 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); كما أسلفنا في المقالات السابقة عن قطاع التأمين فإن المشرع أو من يمثل سلطة التشريع في أي مجتمع تعمل على توفير مظلة إجتماعية تحمي مواطنيها وتمد يد الدعم والعون لهم في بعض الجوانب التي تنشأ فيها مسئوليات وترى السلطة التشريعية ضرورة تدخل الدولة في دعم مواطنيها في تحمل تلك المسئوليات دعماً لتماسك المجتمع وتفادياً لأي سلبيات قد تنجم من عدم القدرة على الوفاء بتلك المسئوليات ومن تلك الجوانب الهامة إضافة إلى المسئوليات القانونية الناشئة أو التي تنجم عن حوادث السيارات التي أوضحناها تفصيلاً في المقالات السابقة نرى أن تدخل الدولة وجهات التشريع في الإلتزام بتوفير الخدمة الطبية والصحية لمواطنيها يؤدي خدمة ودعماً كبيراً للمجتمع وكأي من المجتمعات المتقدمة التي تجعل تلك الخدمة إجبارية لمواطنيها نرى أن دولتنا الحبيبة لا تألو جهداً في سبيل رفاهية مواطنيها ودعمهم في شتى مجالات الخدمة الطبية و الصحية ولذلك إختارت الدولة كنتيجة للدراسات الطويلة والتجارب المطبقة في الدول المجاورة والأقليم أن تؤسس شركة تأمين صحي تقدم الخدمات الطبية لمواطنيها في المرحلة الأولى ثم تبسط حدود تلك الشبكة لتغطي المقيمين والعاملين لديها في المرحلة اللاحقه ومن هنا ولكي نستطيع تكوين فكره كاملة عن المشكلة ونتدارس معاً وسائل وطرق حلها وتفادي سلبياتها إن وجدت علينا أن نتطرق أولاً إلى التعرف على مفهوم التأمين الطبي أو الصحي وعناصره وهو ماسنقوم بعرضه في دراستنا تلك. مفهوم التأمين الطبي أو الصحي وأهميته :- عقد التأمين الصحي عبارة عن إتفاقية بين طرفين يتحمل الطرف الأول والذي يمثله شركات التأمين جميع النفقات المترتبة على الخدمات العلاجية المقدمة للطرف الثاني وهو المؤمن له سواء كان ذلك فرداً أو جماعة تنضوي تحت شكل شركة أو هيئة أو مؤسسة مقابل مبلغ محدد سلفاً وهو القسط أو الإشتراك السنوي يتم سداده جملة واحدة أو على هيئة أقساط ويشترك في تطبيق آليات هذا الإتفاق منظومة أخرى تتكون من مقدم الخدمة وهي المستشفيات والمراكز الطبية المختلفة والمنسق الذي يعد الطرف الثالث في العملية بين شركة التأمين ومقدم الخدمة أي شركات إدارة النفقات الطبية وهي التي تتابع الحالات الطبية المحولة من شركات التأمين إلى مقدمي الخدمة نيابة عن شركات التأمين وهم يتميزون بالمهنية الطبية في متابعة تلك الحالات وتحديد أهميتها وتكلفتها لتكون المسئولية المشتركة بين الأطراف معتدلة ومحايدة وبلا مبالغة في تحديد الأتعاب والمصاريف الطبية الضرورية لتلك الحالات مما يؤدي إلى تخفيف الأعباء والتكاليف المترتبة عند معالجة الحالات المرضية الطارئة أو العادية التي يتعرض لها المؤمن له مجسدة بذلك نظاماً إجتماعياً فريداً قائماً على التعاون والتكافل بين الأفراد والمؤسسات لتحمل ما يعجز عن تحملة أحدهم بمفرده. وتاريخياً نجد أنه في عام 1883 كان أول قانون وطني إجباري للتأمين الصحي والذي تم إقراره في ألمانيا ثم بدأت الفكرة في الإنتشار خلال القرن العشرين حول العالم وحالياً نجد أن هناك أكثر من 60 دولة تملك أنماطاً مختلفه من البرامج الحكومية الصحية الإجبارية والبعض يسند للقطاع الخاص في صناعه التأمين مهمة تنفيذ تلك البرامج الإجبارية للتأمين الصحي وتكتفي الدوله بالإشراف والمتابعه. وقد إزدادت أهمية التأمين الصحي مع تزايد كلفة الرعاية الصحية وخصوصاً مع تزايد الضغوط الإقتصادية على المجتمعات وعلى الأفراد على حد سواء مما حدا بأكثرية الدول بالعالم كما أوضحنا إلى تطبيق نظام التأمين الصحي في بلدانها وذلك عندما أصبح من غير الممكن عملياً توفير الخدمات العلاجية المجانية الدائمة والتي تتحملها ميزانية الدولة مع التزايد المضطرد في عدد السكان المستفيدين من تلك الخدمات في تلك المجتمعات المختلفة مما إستلزم ضروره إيجاد آلية تضمن الحصول على الخدمه مع محدودية القدره وبالتالي كان لابد من مواجهة الأعباء المتزايده بالتعاون بين الحكومة وأرباب العمل والموظفين أو العاملين في تلك الهيئات و المؤسسات وكما اوضحنا في شرحنا لتأمين السيارات ومعدلات الخسائر المحققة والتي أوجدت ضرورة تدخل المشرع نرى أيضاً أن معدلات الخسائر في التأمين الطبي تتجاوز المائه في المائة في معظم البلدان بعد إضافة المصاريف الإدارية وتكلفة الطرف الثالث الذي يتولى التنسيق مع مقدمي الخدمات الطبية ومن هنا كانت الضرورة لتعاون الأطراف المذكوره آنفاً أي الحكومات وسلطات التشريع بها وأرباب العمل والموظفين والعاملين المستفيدين من تلك الخدمة. وقد يتساءل البعض ولهم كل الحق عن الأسباب الكامنة وراء إرتفاع معدل الخسائر في التأمين الطبي أو الصحي لشركات التأمين وماهو الدور إذاً الذي تقوم به شركات إداره النفقات الطبيه TPAإذا لم تقم بدورها في لجم الإرتفاع الغير منطقي في كلفة الرعاية الصحية لصالح مكونات العمليه الصحية المختلفه ؟!! وهنا علينا أولاً أن نحدد الأسباب الكامنة وراء ذلك بصرف النظر عن عوامل التضخم المعروفه في أي تطور إقتصادي مجتمعي وهي على سبيل المثال لاالحصر كالتالي :- 1- زيادة حجم الإستثمارات الاقتصادية في الرعاية الصحية وخصوصاً المستشفيات والمراكز الطبية الكبيرة والمتخصصة والتي بالطبع لها حساباتها الإستثمارية في معايير الربح والخسارة. 2- ظهور التقنيات الحديثة وتطور التكنولوجيا الطبية والذي بالطبع ينعكس على أجور الخدمات الصحية المختلفة من تشخيص وجراحة ومتابعه وأدويه وغيرها. 3- إجراء عمليات جراحية حديثة ذات كلفة عالية مثل عمليات القلب وزراعة الأعضاء على سبيل المثال إضافة إلى الأمراض المستعصية والمزمنة. 4- زيادة كلفة الأدوية الناتجة عن نفقات تسويق عاليه ومعدل أرباح مرتفع إضافة إلى قوانين الحماية والإحتكار للأدوية الجديده وكل هذا على حساب الفاتورة الطبية. 5- زيادة الوعي الصحي وبالتالي زيادة الإهتمام بالحصول على الرعاية الصحية الدائمة والمتواصلة. 6- زيادة معدلات الأعمار وماينشأ عن ذلك من زيادة في الإنفاق على الأمراض المزمنة وأمراض الشيخوخة حيث أن المسنين (فوق 65 سنه) غالباً مايستهلكون خدمات صحية تصل إلى ثلاثة أو أربعة أضعاف غير المسنين إذاً على ضوء تلك الأسباب هل تستطيع شركات إدارة النفقات الطبيه TAP التأثير في تحجيم هذا الإرتفاع المضطرد في سعر الخدمه الطبيه ؟! نستطيع أن نقول أن لها دوراً كبيراً في العمل بحياديه ومهنيه في محاولة تخفيض كلفة النفقات الطبيه المقدمة من مقدمي الخدمه من خلال الأدوار الموكله إليها والتي تمارسها في تطبيق الآليات المختلفه والمتوفره لها في الآتي :- 1- العمل على الحد من سوء إستخدام التأمين الصحي من قبل مقدمي الخدمة (المستشفيات والمراكز الطبية) والتي تنتج عن اللجوء لوسائل التشخيص بدلاً من المهاره الطبيه المتراكمة، إستخدام عدة وسائل في التشخيص مجتمعه دون داع، المغالاه في الأجور والأسعار ،التعمد بإطالة أمد المعالجة ، معالجة حالات خارجة عن الإختصاص، إدخال حالات للمستشفى دون مبرر طبي ،القيام بعمليات جراحيه دون مبرر طبي أو علمي ، وصف الأدويه الأكثر كلفة دون ضرورة طبية تقتضي ذلك ، تعمد كتابة أدوية لاعلاقة لها بالتشخيص ولكن فقط أدوية ومستحضرات لشركات محددة لمصالح متبادلة إضافة إلى المبالغة في كميات تلك الأدوية. 2- الاختيار السليم للجهات الطبية المعتمدة ضمن معايير علمية موضوعية بعيداً عن أي إعتبارات شخصية أو الخضوع للمصالح المتبادلة والإرتقاء الفني بهذه الجهات. 3- العمل على إيجاد الكوادر العلمية و الفنية المتخصصة والمدربة للتعامل وبحرفية عالية وقادرة على التكيف مع المستجدات والمتغيرات الطبيه والتقنية. 4- الحرص على تطبيق آليات صحيحة في تقديم الخدمات الصحية بما في ذلك مراقبة إدخال المرضى إلى المستشفيات والحد من وصول المرضى إلى الإختصاصين الفرعيين دون إحالة طبية ضرورية. 5- إستخدام التقنيات الحديثة في إدارة النقفات الطبية عبر الرقابة الآلية ووفق الشروط التعاقدية المتنوعة ومنع أي تجاوزات بحيث يتم الإطلاع على المطالبات قبل حدوثها لإخضاعها لشروط التعاقد وإتخاذ القرار آلياً بإستخدام آلية الإتصال المناسبة. 6- تطبيق شروط عقود التأمين الموقعة بين المستفيدين وشركات التأمين بشكل دقيق ومحايد ومراعاة شروط العقد من تحميل المريض نسبة من الكلفة لرفع مستوى الوعي التأميني لديه بالمشاركة في تحمل المسؤلية وأيضاً متابعة الإلتزام بحدود وسقف المنافع (أجور - وصفات - خدمات) لإحداث رقابة ذاتية (ومراقبة ذلك آلياً). 7- العمل بأقصى جهد ممكن لترشيد الإنفاق على الخدمات الصحية تحقيقاً لمبدأ تقديم أقصى درجة من الكفاية بأقل كلفة ممكنة ضماناً لإستمرارية تقديم تلك الخدمات.