14 سبتمبر 2025
تسجيلإن طال بالدنيا عمر وظلت الحياة ترقى في مضمار المعرفة على النحو الذي نرى فسوف تزول خرافات كثيرة ، وتنقطع أوهام استحوذت على تاريخ البشرية دهراً لأنك الآن لا ترى أحداً في القارات المتقدمة ينحت صنماً أو يصنع تمثالاً ثم يسجد له ويخشع بين يديه ، دعك من الهند وأمثالها والتي تقدس كل شيء من الفأرة إلى الشجرة مروراً بالبقرة .وقد قيل لآغا خان المدفون في أسوان أحقاً أنك تحمل روح الله في بدنك وأنك لهذا تعبد من دون الله ،ويزنك أتباعك بالذهب ؟ فسكت الرجل قليلاً ثم قال ضاحكاً : أنا أولى بالألوهية من غيري ، إنهم يعبدون البقر وأحسبني أفضل من عجل ! فمع التخلف العقلي تنتشر جهالات شائنة وسيمحو العلم خرافات شتى ويقطع حبالها وسيكفر الناس بالديانات الوثنية كلها .إن الصراع سيبقى بين نقيضين : الإيمان بالله الواحد المنزه عن كل صفات المخلوقين والإلحاد المعطل للألوهية .إن التدين – حقاً كان أو باطلاً- قد يهب معتنقيه راحة نفسية ، وقد يزودهم بطاقة روحية تشد من عزمهم أيام المآسي والآلام .إن الدين هو الاقتناع بالدستور الإلهي الخلقي الذي سنه الله في كتبه المنزلة المتعاقبة فهي أثمن كنز تغترف منه الحقائق الدينية وهي أسمى في مرماها من جميع العلوم الإنسانية ، وقد أوصى الدكتور ( هنري لنك ) في كتابه المترجم إلى العربية واسمه ( العودة إلى الإيمان ) أوصى مرضاه بالذهاب إلى معابدهم لأنه يقول " إن كل من يعتنق ديناً أو يتردد على بيت عبادة يتمتع بشخصية أقوى وأفضل ممن لا دين له ولا يزاول أية عبادة " ؛ لأنه يرى أن المجتمع الأمريكي قد تملكه مس من فراغ القلب وسطوة المادة وعرام الشهوات وفوران الغرائز وعربدتها .لا بد من دين تسكن إليه أفئدة البشرية من هول ما تعانيه من معاول الحضارة الحديثة .إن سلامة القلب الفطرة في عدد من الأطباء والمهندسين وعلماء الكيمياء والفلك وأمثالهم من الراسخين في علومهم والذين يهتفون جميعاً : إن لهذا العالم الفسيح الأرجاء قوة كبرى تشرف عليه وتضبط نظمه هي قوة الإله الأكبر الذي يحسن الخلق بآثاره ويعجزون عن إدراك كنه هذا العالم (إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما أحد من بعده إنه كان حليما غفورا).يقول العلامة المعروف ( آينشتاين ) " إن أعظم جائشة من جائشات النفس وأجملها تلك التي تستشعرها النفس عند الوقوف في روعة أمام هذا الخفاء الساري في الكون والظلام المكتنف لمادته، إن الذي لا تجيش نفسه لهذا ولا تتحرك عاطفته ، ليس إلا حياً مثل ميت " .إن كثيراً من الناس تحت مشاغل العيش ووطأة الشهوات لا يحسون إلا بوجودهم المادي القريب حتى إن أحدهم ليقول ( وما أظن الساعة قائمة ) ويقولون كذلك ( إن هي إلا موتتنا الأولى وما نحن بمنشرين ) ، ( وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت ) إن الله خلق الناس ليعرفوه غير أنهم (وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون).عيب الحضارة الحديثة أنها تكتشف الأسرار العظيمة ، ثم تقف حيث يجب أن تنطلق وتواصل السير لبلوغ مكنون هذا الكون أرضه وسمائه وما بينهما .إنك ترى ميت الأمس وقد شيعه ميت اليوم وكان يحدث صاحبه بجواره فيما يراوده من آمال عراض ويخامر أفكاره من طمع أو جشع غير مستفيد من موكب الموت عبرة، وبغتة تقوم ساعته أو ساعة يوم القيامة أيهما أولاً ، ويخرس صوت الإلحاد ويتبدد صداه في الكون ( واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا بل كنا ظالمين ) .إن الإنسان بطبعه مجادل ( وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً ) ولكن ما عساه أن يقول أو يفعل وقد وقع ما لم يكن بحسبانه ؟ لقد جفت حلوق الأفاكين ( خاشعة أبصارهم ) فما يقدرون على قول أو لغو أو هذر ، الكل حفاة عراة قيام لرب العالمين ( يوم يقوم الناس لرب العالمين ) وعندها وهي آخر السفرة وآخر المرحلة ( فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز ).إنني أكره الجهل والكبر وأرجو ممن يتعالون على عباد الله أن يتعلموا ويتواضعوا .الكفر : فراغ القلب من الله مع فكر نكر لا قيمة له أمام التمحيص وبصيرة عمياء ( قالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير ) وإنسان هذه حاله لن يكون له عمل (وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا) فلن يكون له عمل يوضع في موازين الحسنات ( ولا نقيم لهم يوم القيامة وزنا ) ولن يلقى له قبول عند الله ، فأقبل إلى نفسك فانهها عن غيها فإذا انتهت عنه فأنت حكيم فزت بخيري الدنيا والآخرة .وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين