28 أكتوبر 2025

تسجيل

غثاء على بقايا تايتانك

26 يونيو 2024

على رسلك فهذا ليس مقالًا رومانسيًا ولا تراجيديًا لأن جميع محاولاتي في هذا المجال باءت بالفشل ولله الحمد، ولا هو حديث في السياسة أستغفر الله العظيم، وليس حديثًا في الاقتصاد فأنا لا أملك شيئًا من مفاتيح اللعبة الاقتصادية، ولا أقصد بالغثاء من هم على سدة الحكم في طول الوطن العربي وعرضه فذلك من المحظورات الموبقات، وحتى أبرئ ساحتي من أي شبهة سأحاول شرح عنوان المقال حتى أقطع الطريق على المؤولين المتربصين. ما الغثاء؟ المقصود به غثاء السيل وهو ما يطفو على السيل من أوراق شجر وزبد وفقاقيع، يعني اشياء ليس لها قيمة، لا تباع ولا تشترى ولا ينتفع بها، فإذا وصف إنسان بأنه كغثاء السيل أصبح موته وحياته سيان، وإذا وصف قوم بأنهم كغثاء السيل فلا ترتجي منهم خيرا، يقول الشاعر لا تطلب الحبّ ممن ليس يعرفه أو تسأل الشوق قلبًا قُدّ من حجر لا يُرتجى الماء من بئر معطّلــةٍ أو يُجتنى ثمرٌ من عاقر الشجرِ أما التايتانك فهي غنية عن التعريف وإن لم أشاهد الفيلم المشهور عنها فقد شاهدت مقاطع مؤلمة منه، فتلك السفينة العملاقة والتي كانت فخر صناعة الترفيه في مطلع القرن العشرين قيل عنها بأنها السفينة التي لا تغرق فغرقت في أول رحلة لها من إنجلترا متجهة إلى نيويورك عبر المحيط الأطلسي، هل كانت مؤامرة؟ من كان السبب؟ الله أعلم المهم أنها غرقت. إحدى اللقطات المليئة بالمشاعر هي تشبث الركاب ببقايا السفينة العظيمة في صراع مع الموج من أجل البقاء، غرقت تايتانك وغرق معها الأمل في النجاة، غرق الترفيه وغرق الصخب وغرقت الرفاهية والأموال والمجوهرات والجاه والحسب والنسب والتاريخ والبطولات، وأصبح الكل يحاول أن ينجو بنفسه متمسكًا بسقط المتاع الطافي على سطح المحيط. أصبح الناجون من تلك الكارثة تحت رحمة المحيط الشاسع، ورحمة الثالوث الفظيع رعب وجوع وبرد، ولا بصيص أمل في الأفق ولا أحد يدري متى وكيف ستبتلعه وحوش المحيط، الفاعل الوحيد هو المحيط أما المتشبثون في بقايا تايتانك فهم الفقاعات التي ستتلاشى عندما تمد الشمس خيوطها الذهبية مؤذنةً بفجر جديد. إلى اللقاء