30 أكتوبر 2025

تسجيل

(الشرهة)

26 يونيو 2022

الشرهة هي مفردة عامية يستخدمها أهل قطر والخليج في أحاديثهم اليومية، ولهذه الكلمة معان مختلفة على حسب استخدامها ونطقها، ولعل مصدر الكلمة في اللغة العربية الفصحى لا يمت بصلة للمعاني المستخدمة في اللهجة الشعبية. فباعتقادي وأنا لست خبيراً في اللغة العربية الفصحى، بل واعتبر نفسي جاهلاً في علوم النحو والصرف، فلذلك أقول إني اعتقد أن مصدر الكلمة هو الفعل الثلاثي شره والذي وجدت أن معظم معاجم اللغة ترد معناه إلى اِشْتَدَّاد الحِرْصُ عَلَى الطعام بِنَهَمٍ وَاشْتِهَاءٍ، ولذلك قلت إن معنى الكلمة في الفصحى بعيد عن معناها في اللهجة الشعبية الدارجة. ونأتي الآن إلى المعاني الشعبية لهذه الكلمة، فهناك معنيان لهذه المفردة مختلفان تماماً كاختلاف الليل والنهار، فأولهما جميل بل ومفرح ويعرفه أغلبنا وهو العطية، سواءً كانت من المال أو غيره، فيقال مثلا "الله يطول عمر فلان سلمنا عليه اليوم وشرهنا" أي ذهبنا للسلام عليه وأهدانا أو أعطانا مبلغاً من المال، وتستخدم أيضاً بين الأصدقاء أو الأقرباء فيقال "أخوي أو بو فلان شرهني اليوم" أي أعطاني هدية فرحت بها. أما المعنى الثاني لهذه الكلمة "الشرهة" فيأتي بمعنى اللوم والعتاب، وكذلك تقال عند الغضب والزعل، فيقال "فلان ما عليه شرهة" أي ليس عليه عتب أو لوم بمعنى التقليل من قدره، ويقال كذلك "فلان ما ينشره عليه" أي ليس محلاً للوم وهو نوع من الذم، ويمكن للمتكلم أن يستخدم الكلمة على نفسه لإظهار مدى غضبه أو لومه لشخص ما فيقول "الشرهة مب عليك، الشرهة على اللي طعتك أو أني سمعت كلامك"، فهو يلوم نفسه أنه وثق فيمن لا يستحق الثقة، وكذلك يقال "الشرهة مب عليك الشرهة على اللي...." إذا أراد أن يلوم من كان المتسبب في وجود هذا الشخص في موضوع معين. وبعد هذه المقدمة الطويلة التي أردت أن أدخل من خلالها إلى موضوع هذا المقال، وهو أن هناك من يعيش ويعمل على أرض وطننا الغالي ويستمتع بخيراته التي من الله عليه بها، ويستضيفه أهله بكل رحابة وكرم، ومع ذلك يسيئ لنفسه أولاً ثم للأرض التي تستضيفه ولم ير من أهلها إلا كل خير، وقد قال الأولون "يا غريب كون أديب"، ولكن للأسف هناك من الغرباء من يقلون أدبهم ويقللون من احترام المجتمع الذي يستضيفهم، على وسائل التواصل الاجتماعي، وقد يقول قائل إنهم يعبرون عن آرائهم ولم يقصدوا الإساءة لأحد، وإنما انتم تصطادون في الماء العكر وتحرفون الكلم عن مواضعه، فأقول لهؤلاء: إن من ينتقد أمراً ما ثم يحرص على أن يظهر علامة أو إشارة واضحة للبلد كإظهاره علم الدولة على أحد الأبنية في الخلفية أو أرقام السيارات إنما هو يقصد ما يفعله وليس بريئاً من سوء النية، وكل إناء بما فيه ينضح، ولكل أُولئِك أقول "الشرهة مب عليكم، الشرهة على من.......". وختاما أقول: قال تعالى في سورة آل عمران الآية 119 (قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)، حفظ الله وطننا وأميره وشعبه رغم حقد الحاقدين.