11 سبتمبر 2025

تسجيل

فوز أردوغان يدشن مرحلة تركيا الحديثة

26 يونيو 2018

فرحنا لتركيا في قطر يعود لمواقفها المشرفة معنا ومع القضايا الإسلامية ملفات مشتركة تجمعنا مع تركيا بداية من قضيتنا الأولى فلسطين وصولاً إلى سوريا وميانمار خروج الشعب التركى بكل أطيافه رفضا للمحاولة الإنقلابية يؤكد تمسكه بالاستقرار في ١٧ سبتمبر عام ١٩٦١ فتح الجيش التركي رسمياً باب طريق الديمقراطية التي لا خيار فيها للشعب التركي عندما قرر إعدام عدنان مندريس رئيس الوزراء التركي بعد إنقلاب عسكري، وفي ٢٠١٦ أكد الشعب التركي من جديد أنه لن يقبل إلا الأمن والاستقرار لبلاده عندما خرج بكل أطيافه للشارع لدعم الرئيس في مقابل محاولة إنقلابية عسكرية. عدنان كان امتداداً للعهد الذي أسسه ألب أرسلان الزعيم والقائد المسلم الذي له في قلوب الأتراك حجم كبير من الرمزية التاريخية، كما أن عدنان (الحزب الديمقراطي) هو أول شخص جاء للحكم من خارج حزب الشعب الجمهوري (حزب أتاتورك) الذي حكم من ١٩٢٣ — ١٩٥٠، وتلا حكمه ٣ سنوات من الحكم العسكري. أرسلان وعدنان أوصلا تركيا إلى الرجل الذي صنع الجيل التركي الملهم في الحكم، نجم الدين أربكان الذي قاد الثورة التركية على القمع العلماني، لكنه فشل مراراً في السيطرة على التغول العسكري في السيطرة على البلاد وعمليته السياسية.. أربكان حاول كثيراً، انتصر في جبهة وخسر أمام القوة العسكرية. هذه المسيرة الحافلة والتضحيات هي التي جعلت الشعب التركي، بكل أحزابه وجماهيرها، بيساره ويمينه، يقبل العملية الديمقراطية ونتائجها، ويحترم اختيار الشعب ويدافع عن مدنية الدولة، ولم تكن تركيا لتصل لهذه المرحلة من التعاضد المدني لولا القيادة الناجحة لرجب طيب أردوغان وزملائه في حزب الحرية والعدالة. لا شك أن فوز أردوغان الجديد يدشن مرحلة تركيا الجديدة، تركيا التي يتطلع لها الصادقون المحبون لها بأمل وتمن، وينظر إليها الحاقدون الحاسدون بريبة وخوف. فرحنا لتركيا في قطر، وتابعنا الانتخابات بشغف، لموقف تركيا المشرف مع قطر في حصارها، ولموقفها المشرف في كثير من القضايا الإسلامية والملفات المشتركة مع قطر بداية من قضيتنا الأولى والكبرى فلسطين وصولاً إلى سوريا ميانمار وغيرها. إن حمل الضغينة ضد تركيا لأنها بلد الخلافة العثمانية ونحفر التاريخ لاستخراج أسوأ ما فيه وتحميل تبعات الجيل التركي الحالي هو أمر مخالف للعقل والمنطق، لأن من يفعل ذلك عليه أيضا أن يسقط نفس الضغينة على الدولة الأموية والعباسية وصولاً إلى كفار قريش والقبائل العربية والأعجمية التي عادت رسول الله صلى الله عليه وسلم. ما وصلت إليه تركيا اليوم لم يكن ليكون لولا التضحيات التي قدمتها جميع الأجيال التي آمنت بتركيا العدالة والسلام والمساواة، تركيا اليوم هي النموذج الحقيقي المشابه لمرحلة ما بعد الثورة الفرنسية، وهي النموذج الذي ستعيشه أمتنا العربية للوصول إلى قطف ثمار الربيع العربي، ذلك الربيع الذي من الخطأ الاعتقاد أنه حقق نتائجه، أو قدم كل ما لديه، الربيع العربي هو عدنان مندريس، وسنعيش سنوات طويلة تحتاج المزيد من الصبر والتضحيات للوصول إلى رجب طيب أردوغان. الأمة الحقيقية هي التي تصنع القادة الحقيقيين الذين يقودونها لمرحلة جديدة من المستقبل، وإن كان كثيرا من الأتراك اعتبروا أتاتورك مؤسس الدولة التركية الحديثة، فإن أردوغان سيكون مؤسس الدولة التركية المستقبلية.. وربما أكثر. وعندما نقول الأكثر، فإن هذا هو التوجس الأكبر لدى العرب الذين يعادون التجربة التركية، أنهم يخافون من أن تنتشر التجربة الأردوغانية في منطقتنا العربية، وأن تستلهم الشعوب في المستقبل مسيرة هذا الزعيم الكبير، يؤسفنا إبلاغ هؤلاء المرتجفين على كراسيهم، لقد بات أردوغان ملهماً من الآن.. وسنذكره يوم يرفع ربيعنا العربي علم انتصاره، سنذكره يوم نقول لكل الديكتاتوريات العربية التي ستسقط: “ابكوا كالنساء على مُلك لم تحافظوا عليه كالرجال” **. العبارة التي وجهتها عائشة الحرة والدة أبو عبدالله محمد الثاني عشر آخر ملوك الأندلس المسلمين له عندما ألقى نظرته الأخيرة على غرناطة وبكى.