01 نوفمبر 2025

تسجيل

تداعيات خروج بريطانيا من كتلة اليورو

26 يونيو 2016

أحدث تصويت خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أمس صدمة اقتصادية قوية للأسواق ومراكز صنع القرار الأوروبي، إذ كانت النتائج مفاجئة للدول الأعضاء والاقتصادات العاملة في كتلة اليورو. ويرى البعض جوانب إيجابية للبقاء في الاتحاد وآخرون يرون في مغادرة الاتحاد فرصة للتخلص من قيود الاتحاد.فقد جاءت نتيجة التصويت وهي ٥١، ٩٪ للخروج من الاتحاد، و٤٩، ١٪ للبقاء، وبلغة الأرقام فإن التوافق على الخروج أو البقاء في الاتحاد متقاربة، إلا أن نسبة الخروج تزيد بدرجة بسيطة.وكانت النتائج الأولية للتصويت كافية لإحداث صدمة كبيرة للأسواق، من حيث سعي البنك المركزي الأوروبي لتوفير سيولة مالية، وسعي البنوك العالمية لضخ أموال إضافية لتلافي هبوط العملات.والتساؤل الذي يطرح نفسه.. لماذا صوتت بريطانيا للخروج من الاتحاد رغم بقائها فيه حوالي ٤٣ عاما؟ في رأيي أن قضايا عالمية تفاقمت خلال السنوات الخمس الأخيرة مثل الهجرة ومشكلات النازحين وتذبذب أسعار النفط وديون اليورو وأدت إلى ظهور فكرة الخروج الآمن من اليورو.أضف إلى ذلك هجرة مواطني أوروبا إلى بريطانيا بسبب ضعف اقتصادات دولها، مما أثر سلبا، وكان يعني بقاؤها في الاتحاد قبول مبدأ الهجرة، واستمرار تقديم المنح لأوروبا. فقد أنفقت بريطانيا خلال الأعوام الأخيرة الكثير من الأموال على إغاثة النازحين وجهود الرعاية الصحية، وعلى توفير المؤن والغذاء والدواء.كما قدمت للاتحاد موازنات عاجلة لإغاثة النازحين، في حين يمر اقتصادها بفترات وهن بسبب الإضرابات العمالية وتذبذب أسعار النفط، وظلت تساند دول الاتحاد المفلسة مثل اليونان وإيطاليا وإسبانيا، وتكلفت أيضًا عناء دفع قروض مرحلية للبنوك المنهارة.وهذا أثر على اقتصاد بريطانيا، وتسببت الإضرابات العمالية والحقوقية في تأخر تطوير الكثير من المشروعات. وينتاب عالمنا مخاوف من تراجع أرباح البنوك بسبب خروج بريطانيا، وتأرجح أسواق المال بين الصعود والهبوط، واشتداد موجات النازحين والفارين من الحرب، وازدياد تكاليف إعاشة وإغاثة اللاجئين، فالدفعات المالية التي تدفع كمنح أضرت كثيرًا باقتصادات الدول التي تعاني أصلا من تراكم الديون.وأزمة الأسواق التي نعايشها اليوم هي أشد وطأة من الأزمة المالية التي عصفت بالبنوك في ٢٠٠٨، إذ تسبب تراكم الأزمات المالية والاقتصادية وتهاوي أسعار الطاقة في عدم قدرة الدول على مواجهتها، وعدم قدرة موازناتها المالية على الإيفاء بالتزاماتها، بينما أزمة ٢٠٠٨ هبت حكومات ومؤسسات لإنقاذ بنوك منهارة إذ لم يكن آنذاك قد برزت مشكلة تذبذب أسعار النفط ولم تكن أزمة نزوح اللاجئين متفاقمة كالتي نلمسها اليوم.ولا تزال تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد قائمة، وقد تكشف عنها الأيام القادمة.