12 سبتمبر 2025

تسجيل

البعد الغامض في القوة العسكرية الأمريكية!

26 يونيو 2015

يعتبر التركيز على حركة الجيش الأمريكى "الرسمى" وحده للخروج بخلاصات حول استراتيجيات وخطط وأدوار القوة العسكرية للولايات المتحدة فى العالم ،أمرا من الماضى .فعند قراءة مثل تلك الحركة العسكرية،لا يجب الاقتصار على النظر لحركة أصحاب البزات العسكرية وأفرع الجيش الأمريكى وعلى دور حاملات الطائرات وأماكن القواعد العسكرية ،إذ أن الجيش الأمريكى الرسمى، قد تغيرت تكوينته وتغيرت طرق إنجاز مهامه وخططه ،منذ أن تولى رامسفيلد وزارة الدفاع الأمريكية فى عام 2001 ،إلى درجة يمكن القول معها بأن الجيش الأمريكى لم يعد هو نفسه حين غادر رامسفيلد موقعه كوزير للدفاع.بلاك ووتر وأخواتها ،صاروا هم أصحاب اليد الطولى في أعمال الجيش الأمريكى حتى بات يطلق عليها –ونظرائها-مصطلح الحارس الإمبراطورى في الحرب على الإرهاب .وبلاك ووتر صارت تقوم بأدوار في الدول الأخرى، تصل إلى حد تغيير حكومات الدول .ولقد أصبح لديها أسطول ضخم من المروحيات والمدفعية ووحدات طائرات التجسس ووحداتها الاستخبارية الخاصة بها ،وصارت تملك أهم مراكز التدريب العسكرى لعشرات الآلاف من جنود الدول الأخرى فى معسكرات داخل وخارج الولايات المتحدة.وهى من صار منوطا بها إنجاز العمليات السوداء نيابة عن استخبارات الولايات المتحدة ،حتى وصف أحد أعضاء الكونجرس الأمريكى بلاك ووتر بالقول :باستطاعتها الإطاحه بكثير من حكومات العالم .والأهم أنها لم تعد تقوم بأدوارها المتضخمة بصفتها شركة أمنية خاصة ،بل هى صارت ذات صفة رسمية، إذ اختار رامسفيلد أيام مغادرته لمهمته كوزير دفاع ،للإعلان عن أن نشاط شركات المقاولات الأمنية تلك ،صار جزءا من الجيش الأمريكى الرسمى !لقد غير رامسفيلد البنية العسكرية للجيش الأمريكى،أو هو خصخص الحروب التي تشنها الولايات المتحدة حول العالم ،وهو دمج الشركات الأمنية فى بنية ومكون الجيش الأمريكى.لقد تحرك الرجل بسرعة مذهلة لإحداث هذا التغيير،وبعد عامين من توليه مسئوليته كانت نسبة الجنود الأمريكيين الذين غزوا واحتلوا بغداد –من الجيش الرسمى-تساوى نسبة المقاولين الأمنيين أو أفراد الشركات الأمنية الخاصة على الأرض العراقية (كانت النسبه 1:1 ).وقبل أن يغادر موقعه، كان أصدر قراره الأهم ،إذ جعل الشركات الأمنية جزءا رسميا من آلة الحرب الأمريكية أو من الجيش الأمريكي الرسمي ،وهو سبق هذا القرار الخطير والكبير ، بقرارات منحت تلك الشركات الحصانة الكاملة من المحاكمة في أى مكان ،لتصبح في مركز حماية أعلى من الجنود النظاميين الأمريكيين أنفسهم !لقد تغيرت بنية أو تركيبة الجيش الأمريكى.وقد جاء هذا التغيير مرتبطا بطبيعة الاتجاهات الاستراتيجية الجديدة للولايات المتحدة ،إذ التغيير التنظيمي والهيكلي لم يجر كعملية إعادة تنظيم للجيش-لمجرد إعادة الهيكلة لأسباب مالية أو تكنولوجية فقط- بل جاء مرتبطا باستراتيجيات جديدة، لعل أهمها اعتماد وتطبيق خطط واستراتيجيات الفوضى الخلاقة في عموم العالم .وإذا كان بالإمكان القول ،أن حكم جورج بوش (وديك تشينى وبول وولفويتز ورامسفيلد )،هو من شهد هذا التغيير ،فيمكن القول أيضا ،أن إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما هى الأكثر استفادة وتفعيلا واعتمادا على أدوار تلك القوة الخفية التي أضافها نظام المحافظين الجدد لمنظومة الجيش الأمريكى .والمتابع فعليا للدور الأمريكى فى معركة كوسوفو ،وما يجرى الآن فى العراق وسوريا-أو فى المناطق الكردية وفى مناطق سيطرة تنظيم الدولة -لا يجد أمامه أفعالا وحركة عسكرية من أصحاب البزات العسكرية الأمريكية –اللهم إلا في الأجواء أو في مراكز التدريب-فيما هو يرى الخطط الأمريكية للتقسيم والفوضى جارية وفق الخطط الأمريكية تماما.ولذا يجب إدراك طبيعة التغيير الذي جرى في تركيبة الجيش الأمريكي وفي طرق إنجاز الأهداف عند قراءة الحركة العسكرية الأمريكية.والأمر نفسه جار إذا جرى تدقيق النظر في كثير من مناطق العالم ،حيث تجرى الأعمال الغامضة والمذابح التى لا يعرف من يرتكبها أو اعمال تغيير نظم حكم ديموقراطية أو ما يجرى بثه من أفلام مروعة هنا وهناك ..الخ.لقد تغيرت صورة مشاهد التدخل الأمريكى ،ومن يظل يبحث عن أضواء النجوم المتلألئة على أكتاف وصدور أصحاب البزات العسكرية الأمريكية لن يرى شيئا مما يجرى .واللافت أن الأمر نفسه بات معتمدا –بطريقة أو بأخرى – في استراتيجيات حركة روسيا ،كما يكشف ما جرى ويجري في أوكرانيا !