08 أكتوبر 2025
تسجيلعندما عقدت دولة قطر عزمها على الانسحاب من منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" لم يأتِ قرارها بشكل عشوائي غير مدروس، وإنما جاء بعد أن اقتضت مصالحها الإستراتيجية المستقبلية التركيز على قطاع الغاز وسعيها إلى ترسيخ مكانتها كمزود موثوق ومعتمد للطاقة إلى أنحاء العالم، ووضع إستراتيجية مستقبلية لقطاعي النفط والغاز ترتكز على النمو والتوسع داخل الدولة وخارجها، وبالتالي تعزيز مكانتها بوصفها أكبر منتج للغاز الطبيعي المسال في العالم. ولا شك أن من يتتبع مسيرة هذه المنظمة يجدها ليست في أفضل أحوالها في سنواتها الماضية لاسيما بعد هيمنة الدول الكبرى في إنتاج النفط على سياستها وإجرائها اتفاقات خارج إطار المنظمة وفرضها على الدول الأقل إنتاجاً، وهو ما يعد فرض سلطة القرار ولو كان مُضراً للأعضاء الأقل إنتاجاً للنفط في المنظمة، ولعل الأزمة الأخيرة بين السعودية وروسيا التي هبطت بأسعار النفط لمستويات متدنية هي ترجمة واقع الحال لمنظمة أوبك وما قد تفرضه الدول المهيمنة على قراراتها من كوارث وأزمات المتضرر الأكبر فيها الدول الأقل إنتاجاً للنفط. الواقع نفسه نجده على مستوى منظمة مجلس التعاون الخليجي الذي صادف يوم أمس ذكرى تأسيسه التاسع والثلاثين وإن كان من الإنصاف أن نضع تاريخ وفاته يوم الخامس من يونيو 2017 بعد أن حاصرت 3 دول من أعضائه أحد أعضاء المنظمة المؤسسين لها، وبهذا يكون العمر الحقيقي لهذه المنظمة هو 36 عاماً، كان الملايين من شعوبنا الخليجيين يرونها الدرع الحصين لأي مخاطر تحدق بدولهم وجنتهم التي ينتظرون مرحلة قطف ثمار اتحادها ونموها وازدهارها، ليفاجأوا بما لم يكن في الحسبان بمحاولة غزو بربري من قبل 3 دول منها لدولة جارة لم يدر في حسبانها أن يأتيها الخطر من أشقائها الذين كانت تظن بأنها ستستنصر بهم عندما يحدث لها خطب ما، ولكن ما حدث سيبقى جرحاً غائراً في نفوس القطريين والشعوب الخليجية التي رفضت هذا الحصار الجائر المفروض عليها منذ 3 سنوات جنّدت فيها دول الحصار أعتى وأخبث صور التآمر والعدوان من أجل إركاع قطر وتسييرها على هوى سياساتهم الخبيثة بعد أن فشلت خططهم الشيطانية في احتلالها والاستحواذ على ثرواتها!! وحتى تاريخ مجلس التعاون الخليجي لم يُعط انطباعاً لشعوبه بأن هذا المجلس يقوم على مبادئ الاحترام المتبادل وعدم هيمنة دولة أو دول معينة على قراراته وسياساته، بل الشواهد تعكس أن دولتين بعينهما هما اللتان تتحكمان في قراراته، يقول أحد سفرائنا الذي كان يعمل مستشاراً في السنوات الماضية في مقر الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي في الرياض إن من يعمل في مقر الأمانة لا يشعر بأنه يتبع منظمة مستقلة برأيها وتمارس مهامها انطلاقاً من المبادئ واللوائح التي تستند إليها المنظمة بل كأنها تابعة لوزارة الخارجية السعودية ترتهن بقرارات وزيرها ومسؤوليها !! فأي نية للانسحاب من هذا المجلس الميّت إكلينيكياً هو حق لأي دولة من دوله ترى أن المجلس انحرف منذ سنوات طويلة عن مساره المطلوب ومات بعد أن حاصرت 3 دول من دوله أحد أعضائه، فأي خير ترتجيه هذه الدول من منظمة تُمارس فيها 3 دول تحالفها ضد أعضائها الآخرين؟!. وأجزم بأنه لو تم استفتاء الشعب القطري لأجمع الأغلبية على الخروج من هذه المنظمة التي لم نأخذ منها إلا الباطل والغدر والتآمر ممن يتحكمون في دفّتها ويرمون إلى تفكك دولها ودمارها!! * فاصلة أخيرة الأيام القادمة ستحمل في طياتها مفاجآت وأخباراً غير سارة للدول الداعمة للثورات المضادة، بشائرها حملته رياح انتصارات الشرعية في ليبيا. [email protected]