14 سبتمبر 2025
تسجيلما زلت أذكر أول مباراة حضرتها وكنت حينها طفلة رافقت شقيقي عبدالله لحضور افتتاح خليجي 11 عام 1992 والتي استضاف مبارياتها استاد خليفة الدولي في تلك الايام، وكنا فرحين في ذلك الوقت بهذا الاستاد المتجدد والساعات الرقمية التي كانت تنقل حفل الافتتاح. استعراض رائع ارتكز على العنصر البشري بتنوعه وباستعراض مكون من طلاب المدارس ورجال يحملون الرايات الملونة الخفاقة في مسيرة منظمة بأرجاء الاستاد ورجال يمتطون صهوة الخيول العربية في عرض ترى فيه الاعتزاز بالعروبة وروح الاخوة والارتباط بتراثنا وابرازه في احتفالاتنا. ولكن كانت صدمتي في تلك الليلة كبيرة عند بداية اللقاء الافتتاحي بين منتخبنا وشقيقنا العماني لأني لم اسمع صوت معلق المباراة وانا في الملعب واتابعها من المدرجات، وببراءة اي طفلة سألت شقيقي، اين صوت المعلق؟ فأجابني بأن المعلق لا يسمعه الا من يشاهد المباراة في التلفزيون او يسمعها عبر اثير الاذاعة وكانت اجابة مخيبة للآمال. لأني وقتها لا اعرف اللاعبين ومن لعب ومن تغير فاكتفيت بالمشاهدة والفرحة والتصفيق مع كل هدف لمنتخبنا الوطني. تذكرت هذه الاحداث وكأنها حصلت منذ دقائق معدودة وذلك عند دخولي استاد الجنوب في مدينة الوكرة الراقية والهادئة في جنوب قطر، لأحضر نهائي كأس سيدي سمو الأمير وافتتاح هذه التحفة المعمارية، نعم تغير الزمان كثيراً ولكن الابداع القطري والتميز الذي اشتهرت به دولتنا لا يزال حاضراً ويتطور مع مرور السنين، ليؤكد أن ابناء هذه الارض الطيبة خلقوا للريادة والابداع والتجدد في الافكار. كان افتتاحاً راقياً يستحق قيمة هذا الاستاد المونديالي ليؤكد على حقيقة ثابتة وهي ان قطر عندما تعد تفي بوعدها وها هو الوعد أصبح حقيقة مترجمة على أرض الواقع في خطوة لافتة على طريق أول مونديال عربي 2022. ما زالت دولة قطر تبهرنا بحدث رياضي تلو آخر سواء بروعة اختياراتها المدهشة للافتتاح أو بتنظيم أنيق يليق بمكانة بلدنا على الخارطة العالمية وتفردها وتصدرها بين الأمم. إبداع قطري في حفل رائع بليلة رمضانية وذلك بمشاركة ما يقارب ألف متطوع قطري وغير قطري ورسمهم لقصة التلاحم والانصهار، بحضور العديد من المحبين من الدول العربية والصديقة. هذه التحفة الهندسية اضافة معمارية جديدة لمدينة الوكرة الجميلة بأهلها وبشوارعها وفرجانها العتيقة، الحالمة بشاطئها وبحرها وقد انعكس ذلك على التصميم الهندسي لاستاد الجنوب والذي أبدعت به الغائبة الحاضرة المهندسة زها حديد رحمها الله. واذا كنا لا ننسى حديد وابداعها في تصميم استاد الجنوب فعلينا -وانا اولهم- ان نفتخر برجال وبنات بلادنا وكل مقيم وعامل من الذين ضحوا بوقتهم وراحتهم وتركوا التزاماتهم الشخصية والاسرية، ووهبوا انفسهم لاجل اكمال هذا المشروع وتسليمه قبل انطلاق المونديال بأكثر من ثلاث سنوات. نعم كم فخورة انا ببلدي.. كم فخورة وانا اعلم بأن العالم بأسره يتابعنا بانبهار واعجاب.. كم فخورة وانا على دراية تامة بأن هذا المشوار لم يكن سهلاً ولا يسيراً، بل وضعت امامنا الاشواك والعراقيل لنعجز ونيأس ونقف في وسط الطريق ولكن الارادة القطرية والغاء كلمة المستحيل من قاموس القطريين هما ما أوصلانا لهذا اليوم التاريخي في مسيرة استضافتنا للمونديال العالمي. بالأمس كنت طفلة ارافق شقيقي لحضور افتتاح كأس الخليج في استاد خليفة واليوم ترافقني ابنتي لمشاهدة احدى أيقونات مونديال قطر 2022. 27 عاماً لا تمثل اي رقم في حياة الأمم والشعوب ولكنها كانت كافية لاكبر في العمر واصبح أماً تتحمل مسؤولية أبنائها وفي الوقت ذاته كانت مليئة بالانجازات والانتصارات السياسية والاقتصادية والرياضية لبلدي قطر. واليوم ترافقني ابنتي لحضور نهائي بطولة كأس الأمير وأعترف بأن حضوري لاستاد الجنوب هو ثاني حضور لي لملعب رياضي قطري. احدهما عالق في صدمة المعلق الرياضي، واليوم أسيرة التميز القطري، وشتان ما بين المشهدين. HAJI_Z@