12 سبتمبر 2025

تسجيل

مقاتل ثم ساجد ثم شهيد في مشهد واحد

26 أبريل 2024

رَغمَ آلاف المشاهد وملايين الكلمات التي تلقيناها منذ السابع من اكتوبر وحتى اليوم. فعليًا وبصراحة، لم يأسرني مرارًا وتكرارًا سوى ذاك المشهد، مشهدٌ واحد... يؤسفني القول أنني ولربما قد اعتدت رؤية بعض المشاهد عدا هو... لا، ليس دم ذاك الطفل المتفجر رأسه، ولا تلك الرضيعة التي رأينا أحشاءها، ولا ذاك الأب الباحث عن أطراف أبنائه محاولةً منه لدفنهم قطعةً واحدة، ولا تلك الأم التي تبحث عن لقمة عيش لأبنائها هؤلاء المنتظرين تحت الخيمة او عفوًا تحت جعّد القماش الذي يغَشّيهم من فوقهم وبلل التراب البارد من تحتهم. مشهد واحد أصفه لكم حينما وثقه عدو الله بكاميرا مستحدثة دقيقة لقناص متدرب متقن، مستهدفًا فيه بطلًا خاتمًا دنياه بسجدة. كان راكضًا بقدميه الساعيتين نحو الحق، وأنفاسه الحافظة لكتاب الله، ويديه المعتادة على حمل الكتاب والسلاح في آنٍ، ساعيًا حاملًا ذروة هذا الإسلام ومُدافعًا عن أعراض الأمة، حاملًا هم ودم شعبه الزكي من نساء وأطفال وشيوخ ورجال، حاملًا هم وطنه وأرضه دون تثاقل أو تخاذل. أتحدث عن مشهد استشهادك نفسه ام مشاهد تلاوتك التي تناولناها بعد ركضك ذاك وسجدتك تلك! وتحديدًا ذاك الذي تتلو فيه خواتيم سورة الكهف، حتى أصبحت أرددها بذات التردد والألحان في كل جمعة. كيف لي أن أنسى وقد حفظت صوتك بتلك الآيات! أخيرًا، فقد أتممت المَهمة وأوصلت الرِسالة واستقبلتك الملائكة ورسمتَ موازين رِجال اليوم، فقد مَيزت وصنفت الرجال بعقائدهم وعزّمِهم وبطشهم بل بأفعالهم لا بتمتمات أفواههم. رجالٌ أمثالك تسيرُ بهم الأوائل والتَّوَالي وتتَّخِذ الرِياحُ لها بِساطا لتجري إلى رُتَب المعالي رفعت أسمى مِثال لِزماننا. فحاشا أن ننساكَ يا تيسير أبو طعيمة! فواللهِ لن تستقيم الأمة دونَ وجود أمثالك بالعقيدة والفِكر والفعل هنيئًا لكَ الشهادة يا بطل، تقبلك الله وغفر لنا